للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لى منه الحقّ، ما فعل خيرا، وأنا ما أنام خوفا على ابنى، ادع الله أن يسلم ولدى. فقال لها: يا أمة الله، أما تستحين، تدعين على سلطان الله فى أرضه، المجاهد عن دين الله تعالى، الله ينصره ويظفره ويسلمه ويسلم ولدك، ما هو إن شاء الله تعالى إلاّ منه وهو مؤيّد مظفّر، كأنّك به وقد فتح الإسكندرية وأسر أعداءه، وأتى على أحسن قضيّة وأجمل طوية، فلا يشغل لك سرّ، فما يكون إلاّ الخير إن شاء الله. ثم اجتازت بالفار الصّير فى بالسّرّاجين (١) من القاهرة، فوقفت عليه تصرف منه دينارا - وكان إسماعيليا متغاليا - فقالت له: ولدى مع الأفضل وما أدرى ما خبره. فقال لها: لعن الله المذكور الأرمنى الكلب العبد السّوء بن العبد السوء، مضى يقاتل مولانا ومولى الخلق؟ كأنك والله يا عجوز برأسه جائزا من هنا على رمح قدّام مولانا نزار ومولاى ناصر الدولة إن شاء الله تعالى، والله يلطف بولدك؛ من قال لك تخلينه يمضى مع هذا الكلب المنافق. ثم وقفت يوما آخر على ابن بابان الحلبى، وكان بزّازا (٢) بسوق القاهرة، تشترى منه شيئا - وكان نزاريّا - فقالت له كقولها للفار الصيرفى، فقال لها كما قال أيضا، وبالغ فى لعن الأفضل وسبّه.

فلمّا أخذ الأفضل نزار وناصر الدولة، وفتح الإسكندرية، وقدم إلى القاهرة فى يوم (٣)

حدثته أمه الحديث بنصّه. فلمّا خلع عليه فى القصر بين يدى الخليفة المستعلى فى يوم (٣)

وعاد إلى مصر اجتاز بالبزّازين وهو بالخلع، ونظر إلى ابن بابان الحلبى وقال: أنزلوا هذا.

فنزلوا به، فضربت عنقه تحت دكّانه، ثم قال لعبد علىّ، أحد مقدّمى ركابه، قف هنا لا يضيع له شيء من دكانه إلى أن يأتى أهله فيتسلّموا قماشه. ثم وصل إلى السّراجين، فلما تجاوز دكان الفار الصيرفى التفت إلى جهته وقال: انزلوا بهذا. فنزلوا به؛ فقال:

رأسه. فضربت عنقه، وقال ليوسف الأصفر أحد مقدمى الركاب: احتط على حانوته


(١) سوق السراجين، وكان يعرف على زمن المقريزى بسوق الشوايين، وهو الآن جزء من شارع المعز لدين الله الذى يقطع القاهرة من الجنوب إلى الشمال. ويبدأ سوق السراجين أو الشوايين القديم من عند جامع الظافر المعروف باسم جامع الفكاهين، ويعرف حاليا باسم جامع الفاكهانى، المشرف على أول شارع خوش قدم، ويمتد إلى أول شارع الكحكيين. راجع المواعظ والاعتبار: ٣٧٣:١. والفار الصيرفى المذكور ولد الأمير عبد الكريم الآمرى صاحب السيف، الذى ولى مصر (الفسطاط) أيام الحافظ، وكان قبل ذلك له وجاهة عظيمة فى أيام الآمر، نفس المصدر: ٤٥٢:٢.
(٢) البزاز من يشتغل بتجارة البز أى الثياب.
(٣) فى هذين الموضعين بياض بالأصل يتسع لكلمة واحدة فى كل منهما.