للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سناء الملك محمد بن محمد الحسينى الكاتب بديوان الإنشاء، على عادة الأمراء وجميع أهل الدولة.

وكانت الدّعاة عند ما بلغهم موت المستنصر اختلفوا فيمن يبايعونه من بعده، فدعا بركات، وهو أمين الدعاة، لعبد الله بن المستنصر ونعته بالموفّق؛ فقبض الأفضل عليه وقتله هو وابن الكحّال. ووصل الخبر بلحاق نزار ومعه محمود بن مصال اللكّى بنصر الدّولة، وأن نصر الدّولة (١) أفتكين التركى، أحد مماليك أمير الجيوش (٢) وكان على ولاية الإسكندرية، قد بايعه، والقاضى أبو عبد الله محمد بن عمّار (٣)، وأهل الإسكندرية، وأنه تلقب بالمصطفى لدين الله. فأهمّ الأفضل ذلك وأخذ فى التأهب لمحاربتهم.

وفيها توفى أبو عبد الحسين بن سديد الدولة، ذى الكفايتين، محمد الماسكى؛ وكان ممن وزر للمستنصر فى سنة أربع وخمسين، فلما صرف عن الوزارة سار إلى مدينة صور من الشام فأقام بها عدة سنين؛ ثم إنّه رجع إلى مصر وخدم مشارفا (٤) بالإسكندرية بعد الوزارة، ثم صرف عن المشارفة. وكان من أماثل الكتاب وأحد الأدباء الفضلاء. ومن شعره:

توصّل إلى ردّ كيد العدوّ … توصّل ذى الحيلة الحازم

وصانع ببعض الذى حزته … تعش عيشة الآمن الغانم

ودع ما نعمت به فى القدي … م، واعمل لذا الزّمن القادم

لعلّك تسلم ممّا تخاف … ولست، إخالك، بالسالم

وله عدّة مصنفات ورسائل.


(١) فى النجوم الزاهرة ناصر الدولة، وهو كذلك فى النويرى.
(٢) يقصد أمير الجيوش بدر الجمالى. وقد لقب كثير ممن تولى الوزارة بعده، ومنهم الأفضل بن بدر الجمالى، بهذا اللقب.
(٣) المقصود جلال الدولة على بن أحمد بن عمار، أبو القاسم. وقد وقع فى سجن الأفضل الذى نجح فى القضاء على ثورة نزار، كما سيجئ ذكر ذلك، فأرسل إلى الأفضل من سجنه ورقة يقول فيها:
هل أنت منقذ شلوى من يدى زمن … أضحى يقد أديمى قد منتهس
دعوتك الدعوة الأولى وبى رمق … وهذه دعوة والدهر مفترسى
فوصلت الورقة الأفضل بعد قتل ابن عمار، فقال: والله لو وقفت عليها قبل ذلك ما قتلته. النجوم الزاهرة: ١٤٤:٥.
(٤) المشارف من يقوم بالإشراف على أعمال متولى الديوان كالناظر، ويزيد على الناظر بأن يكون الحاصل من المستخرج (المالى) تحت حوطته فى مودعه (فى خزانته) بعد أن يكون مختوما عليه. قوانين الدواوين: ٣٠٢. عن المودع انظر الجزء الأول من هذا الكتاب: ١٤٨: حاشية: ١.