للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد شهد هذا العصر تقدم الصليبيين نحو بلاد الشام والجزيرة العراقية واستقرارهم الناجح فى غفلة، أو فى تغافل مقصود، من الحكام المحليين ومن بغداد والقاهرة على السواء.

ثم لم يلبث الرأى العام أن تدخل تدخلا واعيا حاسما أدى - فى تدرج وأناة - الى تطوير الأحداث لغير صالح الصليبيين، مستقرين ووافدين، ثم الى ظهور السلطان العادل المجاهد نور الدين محمود بن زنكى، ونجاحه فى تكوين جبهة متماسكة امتدت من حدود أرمينية الى نهر الأردن.

وفى ضوء هذا الوضع الجديد - عندئذ - تطلعت مصر، على زمن ابن السلار الكردى وأيام طلائع بن رزيك، الوزيرين الفاطميين، الى ضم جهودها الى جهود نور الدين محمود حتى يستكمل تكوين الجبهة التى تستطيع مواجهة الصليبيين تمهيدا لطردهم من البلاد التى كانوا قد احتلوها فى فترة الضعف والتفكك والانحلال.

وفى رعاية نور الدين نشأ صلاح الدين يوسف بن أيوب الذى قدر له أن يتجه الى مصر مرات ثلاثا مع عمه أسد الدين شيركوه، قائد جيش نور الدين محمود، ثم استقر بها فى المرة الثالثة ليتولى وزارتها بعد وفاة عمه، ثم ليكون الرجل الذى ينهى حكم الفاطميين.

وبنهاية العصر الفاطمى ينتهى «اتعاظ الحنفا»، ويكتمل الكتاب الذى خصص المقريزى صفحاته لتسجيل تاريخ الفاطميين.

والمرجو أن يكون الجهد الذى بدأه الأستاذ المحقق المرحوم الدكتور جمال الدين الشيال، ثم عهدت الى لجنة احياء التراث بالمجلس الأعلى للشئون الاسلامية - بعد رحيله - باتمامه محققا رغبة المهتمين بالتعرف على تاريخ مصر، من مصادره الأصيلة، فى هذه المرحلة الحاسمة.

والحمد لله، فاتحة كل خير، وتمام كل نعمة، «وما توفيقى الا بالله، عليه توكلت واليه أنيب».

محمد حلمى محمد أحمد

٥ من صفر ١٣٩٣

١٠ من مارس ١٩٧٣