للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال قاضى الرشيد أحمد بن الزبير فى كتاب العجائب والطرف والهدايا والتّحف: ولمّا مات أمير الجيوش بدر المستنصرىّ خلّف سبعمائة غلام، كلّ غلام له من المال ما ينيف عن المائة ألف غلام (١). وخلّف من المال بعد عمارة سور القاهرة ستة آلاف ألف دينار وأربعمائة ألف ألف درهم فى دار الوزارة؛ ومن الجوهر والياقوت أربعة صناديق ومن القضب الفضّة والذّهب والمراتب، ومن السروج المحلاة، ما يعجز عن وصفه.

وخلف ألف قصبة زمرد، لأنه كان له به غرام عظيم، جمعت له من جميع الأقطار.

ولما مات أمير الجيوش كان أجلّ غلمانه من الأمراء نصر الدولة أفتكين، ويليه فى الرتبة أمين الدولة صافى، ويقال لاون، فبعث لاون لكلّ جماعة من الأمراء الجيوشيّة مالا والتمس منهم الرّضا به أن يلى الوزارة مكان أستاذه أمير الجيوش، فوافقوه على ذلك فأقرّ أمره مع المستنصر؛ فطلبه بعد موت أمير الجيوش وأفاض عليه خلع الوزارة وجلس فى الشباك عند الخليفة ليتولّى على العادة. وكان نصر الدّولة أفتكين قد بلغه ذلك من قبل، فركب وطاف على الأمراء، كلّ واحد بمفرده، وغلّطه فيما عزم عليه، وقبّح أن يكون أحد خشداشيّته (٢) يتحكم عليه مع وجود أولاد أستاذهم؛ مع ما قد عرف من بخل لاون، ونحو ذلك من القول، حتى رجعوا عن لاون. فعند ما طلبه المستنصر وخلع عليه ركب نصر الدولة فى جميع الأمراء بالسلاح وصاروا إلى القصر، ووقفوا فى الصحن؛ فشقّ ذلك على المستنصر وعلى من بحضرته من خواصه. وشرع الأمراء فى مخاطبة المستنصر فى إبطال وزارة لاون، وهو يأبى عليهم، حتى طال الخطاب. فقال المستنصر إذا أقمنا قصبة قبل أمرنا. فقال الأمراء، إذا أقمت هذه القصبة قطعناها بهذه السيوف؛ وجرّدوا سيوفهم،


(١) هكذا فى الأصل. ولم أجد فيما بين يدى من المراجع ما يساعد على التحديد. ولعل المقصود: المائة غلام.
(٢) جمع خشداش، وهو معرب اللفظ الفارسى خواجاتاش، أى الزميل فى الخدمة، وهى أيضا الخوشداشية والخجداشية، أو الخوجداشية: الأمراء الذين نشئوا مماليك عند سيد واحد فنبتت بينهم رابطة زمالة. السلوك: ٣٨٨:١ حاشية: ٣.