للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرحيم بن إلياس بن أبى علىّ بن المهدىّ بالله أبى محمد عبيد الله قد جعله الحاكم بأمر الله ولىّ عهد المسلمين فى حياته والخليفة بعد وفاته، وأمر الناس بالسّلام عليه وأن يقولوا له فى سلامهم عليه: السلام على ابن عمّ أمير المؤمنين وولى عهد المسلمين؛ وتعيّن له محل يجلس فيه من القصر. ثمّ قرئ السّجلّ على منابر البلد وبالإسكندرية؛ وبعث بذلك سجلاّ إلى إفريقية، فقرئ بجامع القيروان وغيره، وأثبت اسمه مع اسم الحاكم فى البنود والسّكّة والطّراز. فعظم ذلك على نصير الدولة أبى مناد باديس وقال: لولا أن الإمام لا يعترض عليه فى تدبير لكاتبته ألاّ يصرف هذا الأمر عن ولده إلى بنى عمه.

وخلع على عبد الغنى بن سعيد ودفع له ألف وخمسمائة دينار وخمس عشرة قطعة ثياب، وحمل على بغلة ولرفيقه مثل ذاك. وسيّر مع رسول متملّك الروم بهدية عظيمة.

وبلغ الحاكم أن أبا القاسم على بن أحمد الزيدى النقيب عليه عشرون ألف دينار، فوقّع له بها مما عليه من الخراج، وبعث له بثلاثة آلاف دينار أخرى.

وكثر ركوب الحاكم وهو بدرّاعة صوف بيضاء وعمامة فوطة، وفى رجله حذاء عربى بقبّالين (١)؛ فأقبل الناس إليه بالرّقاع ما بين متظلّم أو مستمنح؛ فأجزل فى الصّلات والعطايا ما بين دور ودراهم وثياب، فلم يردّ أحد خائبا. وردّ ما كان فى الديوان من الضّياع والأملاك المأخوذة لأربابها، وأقطع كثيرا من الناس عدة آدر. وفى ربيع الأول بسط الحاكم يده بالعطاء.

وفى ثامن عشر ربيع الآخر أمر الحاكم بقطع يدى أبى القاسم أحمد بن على الجرجرائى (٢)، فقطعتا جميعا؛ وهو يومئذ كاتب قائد القواد غين. وسبب ذلك أنه كان فى خدمة ستّ


(١) قبال النعل، ككتاب، زمام بين الأصبح الوسطى والتى تليها. القاموس المحيط.
(٢) جرجرايا من أعمال النهروان بين واسط وبغداد فى الجهة الشرقية لنهر دجلة. ذكر ياقوت أنها كانت خربة فى زمنه. معجم البلدان: ٨٠:٣.