للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميع أموالهم، وتتبّع من استتر منهم فضرب أعناقهم وصلبهم على أبواب البلد فلم يبق منهم أحد.

فلمّا خلا له البلد من حمّال السلاح طمع فى أهل القرى، فعم كثيرا من الناس البلاء منه، وشمل أهل المدينة والقرى ضرره، حتى غلق أكثر الأسواق، وضج الناس إلى الله بالدعاء وهو يعدهم بحريق البلد وبذل السيف فيهم، فهرب كثير من الناس عن البلد.

ووصل الخبر بقدوم عسكر الروم، فأخذ جيش فى جمع العرب؛ ونزل ملك الروم على شيزر وفيها عسكر من قبل الحاكم، فقاتلهم حتى ملكهم بأمان. ونزلت العرب الذين جمعهم جيش فيما بين حرستا (١) والقابول (٢)؛ وانتقل الروم من شيزر إلى حمص فأخذوها وسبوا أهلها وأحرقوا؛ وذلك فى ذى الحجة سنة تسع وثمانين، وهى دخلة الروم الثالثة إلى حمص، فأقاموا بها وقد اشتد البرد وغلت عليهم الأسعار حتى بيعت العليقة عندهم بدينار فرحلوا، وقد مات أكثر دوابّهم، إلى طرابلس، فنزلوا عليها وهم فى ضيق؛ ثم رحلوا عنها إلى ميّافارقين (٣) وآمد (٤)، وهادنوهم. ثم ساروا إلى أرمينية.

وزاد جور جيش وأسرف فى الظّلم، وكان به طرف جذام فاشتد به، وسقط شعر بدنه، ورشح جسمه واسودّ حتى انمحت سحنة وجهه وزاد وأرواح سائر بدنه؛ فكان يصيح:


(١) قرية كبيرة وسط بساتين دمشق، بينها وبين المدينة أكثر من فرسخ. وهناك قرية أخرى من بساتين دمشق تعرف باسم حرستا المنظرة. معجم البلدان: ٢٥١:٣.
(٢) هى القابون التى يذكر ياقوت أنها تبعد عن مدينة دمشق ميلا واحدا فى طريق القاصد إلى العراق فى وسط البساتين. معجم البلدان: ٤:٧.
(٣) أشهر مدينة بإقليم ديار بكر بأرض الجزيرة العراقية، وكانت أصلا من الحصون الرومية، ثم صار لها ولإقليم ديار بكر جميعه أهمية خاصة فى بعض عصور التاريخ الإسلامى كما فى أيام الأسرة الأرتقية بين سنتى ٤٩٥ - ٦٢٩ فى منطقة حصن كيفا. معجم البلدان: ٢١٤:٨ - ٢١٨.
(٤) أجل مدن ديار بكر وأعظمها تحصينا، تحيط بها مياه دجلة كالهلال، وبها عيون قريبة يتناول ماؤها باليد. معجم البلدان: ٦١:١ - ٦٣.