للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه سار عسكر المعز مع ابنه عبد الله فنزل جبّ عميرة، ونزلت عسكر القرمطى نصفين:

نصف مع النعمان أخى الحسن بن أحمد الأعصم مواجهة لعبد الله بن المعز، ونصف مع الحسن بسطح الجب.

فبعث عبد الله العساكر، فأحاطت بالحسن بن أحمد، وعسكر وزحف إلى النعمان فقاتله فانهزم، وقتل من أصحابه، وواقع الآخرون الحسن حتى كاد أن يؤخذ، فإنهم أحاطوا به، وصار فى وسطهم؛ فاغتنم فرجة مضى منها على وجهه؛ ونهب سواده وأخذت قبته (١)، وأسر رجاله، وأخذ من عسكره وعسكر أخيه خلق كثير، وأخذ جماعة ممن كان مع المصريين.

ووصل الكتاب مع الطائر إلى عبد الله بن عبيد الله أخى مسلم بهزيمة القرامطة - وهو بالصعيد -، فعدّى إلى الجانب الشرقى لينقلب إلى الشام، فبلغه مسير عساكر المعز فعاد إلى الجانب الغربى.


(١) ورد فى ورقة منفصلة بين الصفحتين شرح للقبة هذا نصه: «فى ورقة ملصوقة بهذا المحل بخطة ما مقاله»:
كان من محاريق القرامطة القبة، وهى ان أبا طاهر بن أبى سعيد الجنابى كانت عادته فى الحرب أن يفرد طائفة من عسكره - فرسانا ورجالة - عن القتال، يقفون معه ولا يقاتل .. ولا يقاتلون، فاذا كل المقاتلة عن القتال حمل هو بنفسه فى الطائفة المستريحة التى لم تحضر القتال، فقاتل وقد كلوا منهزمين عنه، فلما مات ضعفت هيبة القرامطة بعده عن .. رجالهم، وترتيب وقوفهم - كما ذكرنا -، فرجعوا الى المحرقة، وأقاموا قبة كالعمارية على جمل وقالوا: «ان النصر ينزل من هذه القبة فى وقت معلوم»، وأخذوا من حب الكحل ومن اللؤلؤ الكبار وجعلوه فى صرة مع فحمة ومدخنة بداخل القبة، واذا أرادوا الحمل على عسكر من يحاربوه صعد رجل منهم الى القبة، وقدح النار فى المجمرة، وأخبر حب الكحل، وأرى القواد والناس بياضه (كذا) من بعيد وهم لا يعرفونه، ثم يطرحه على النور، فيفرقع فرقعة شديدة، ويبعد من غير دخان، فيظن القوم ذلك شيئا، ويحملون على أعدائهم ومعهم القبة، ولا .. منها شيء، ولا يوقد ذلك الا عند ما يقول صاحب العسكر: «قد نزل النصر» وذلك أنه يقف مع القبة قطعة من الجيش مستريحة لا تقاتل، وهو مستخف معهم، وأكثر القوم يقاتلون وهم بالقبة من وراء المقاتلة، فمن انهزم من مقاتلتهم وحل دمه وقتل فاذا أحس بأنهم قد كلوا أمر بعمل ما قلنا فى القبة، وحمل بها فى الطائفة المستريحة فهزم من عساه يكون، وما زالت محرقتهم هذه يموهون بها الى أن كسرت هذه القبة فى الرملة، ثم أخذها عبد الله بن المعز خارج القاهرة، فقلت عند ذلك مهابة القرامطة بما ذهب من قيمتهم، وبهذا قدروا على قتل جعفر بن فلاح، وانهم كانوا لا يسيرون بالقبة الا كمن يسير الى أمر ممهد، فيقولون: نزل النصر، وتشد قلوبهم وتقوى، فلما سارت القبة من غير معارضة حتى يكون الظفر لهم».