للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: "لَا تَقْتُلْ عَسِيفًا١، وَلَا امْرَأَةً"، تَقَدَّمَ.

١٨٦٥- حَدِيثٌ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ٢"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ


١ اتفق الفقهاء على أنه يجوز قتل النساء والصبيان: إذا لم يقاتلوا، ولدليل على ذلك ما رواه الجماعة إلا النسائي عن عبد الله بن عمر قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنهى عن قتل النساء والصبيان، واتفقوا أيضاً على أن من قتل في صفوف الكفار جاز قتله سواء كان صبياً أو امرأة أو شيخاً أو راهباً أو غيرهم دفعاً لشره. واختلفوا في الشيخ الفاني، والمقعد والأعمى والراهب في صومعته وأهل الكنائس الذين لا يخالطون الناس إذا لم يكن لهم في الحرب رأي، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعي في قول له إلى عدم جواز قتلهم.
وذهب الشافعي في أظهر قوليه وابن حزم إلى جواز قتلهم.
الأدلةك استدل الجمهور بما يأتي:
أولاً: ما رواه أبو داود عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً ولا امرأة".
ثانياً: ما رواى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أوصى يزيد بن معاوية حين وجهه إلى الشام قال: "لا تقتلوا صبياً ولا امرأة ولا هرماً"، وعن عمر رضي الله عنه أنه أوصى مسم بن قيس بمثل ذلك.
ثالثاً: ما رواه أحمد عن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بعث جيوشه قال: "اخرجوا باسم الله تعالى تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع".
رابعاً: بالقياس على المرأة والصبي بجامع أن كلا ليس من أهل القتال واستدل الشافعي، وابن حزم على جواز قتلهم بعموم قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] وهو عام يتناول الشيخ والأعمى والمقعد وغيرهم.
واستدل الشافعية أيضاً بأنهم أحرار مكلفون فجاز قتلهم كغيرهم.
مناقشة الأدلة: يرد على الجمهور في دليلهم الأول أن في إسناد خالد بن الفرز، وقد قال فيه ابن معين: ليس بذاك. وقال ابن حزم: إنه مجهول وبذلك ينهض حجة للمدعي ... وفي دليلهم الثاني أن ما روي عن أبي بكر وعمر إنما هو من أقوال الصحابة. وقد تكون ناشئة عن اجتهاد وليسوا معصومين من الخطأ فلا ينهض كلامهم حجة للمدعي ... وفي دليلهم أن في إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وهو ضعيف فلا يكون حجة.
وأما ما استدل به الشافعي، وابن حزم من عموم الآية فيقال فيه إن الآية خصصت بالنساء والصبيان وأهل الذمة فيقاس عليهم غيرهم.
بقي الترجيح بين القياسين وذلك بالنظر في علتيهما والذي يقتضيه الدليل أن العلة في قتل الأفراد هي الحرابة لا لكفر بدليل لاتفاق على تحريم قتل النساء والصبيان، وبهذا تترجح علة الحرابة وتبعاً لها يترجح قياس الجمهور ويكون قتل الشيخ الفاني والمقعد والأعمى ومن على شاكلتهم ممن لا قوة له ولا رأي ممنوعاً منه شرعاً.
ينظر: "الجهاد" لشيخنا شحاتة محمد شحاتة.
٢ شرع الله قتال الكفار بكل ما يكفل لنا النصر عليهم والظفر بهم وإخضاعهم لشريعة الإسلام.
ولما كانت آلات القتال يختلف تأثيرها في التخريب والتدمير والفتك، اختلف أنظار الفقهاء فيما يجوز استعماله منا وما لا يجوز، وإليك بيان كل من هذه الآراء وأدلتها من معقول ومنقول: =

<<  <  ج: ص:  >  >>