٤- واشترطوا ألا يكون الحمل في باب الإباحة، وقد قال بهذا الشرط ابن دقيق العيد؟ لأنه ليس ثمة تعارض بين الدليلين حينئذ. ٥- أن حمل المطلق على المقيد يكون إذا تعذر الجمع بين الدليلين المطلق والمقيد، أو عندما يتعذر العمل بكل منهما في موضعه الذي جاء فيه، أما إذا أمكن الجمع بين الدليلين: المطلق والمقيد، أو العمل بكل منهما في موضعه، فإن عدم الحمل أولى من الحمل؛ لأن الحمل يقتضي إلغاء العمل بأحد النصين، وإعمال النصين أولى من إهمال أحدهما، وقد قال بهذا الشرط ابن الرفعة. ٦- ألا يرد مع المقيد أمر زائد يبينه الشارع على ما ذكره في المطلق؟ بحيث يقصد بالقيد ذلك الأمر الزائد، ويذكر من أجله، فإذا ذكر المقيد ومعه زيادة مقصودة، فإن الحمل لا يصح؟ لأن ذكر القيد حينئذ إنما هو لأجل ذلك الأمر الخاص. ٧- ألا يرد دليل على عدم التقييد، فإن ورد دليل على ذلك فإن الحمل لا يصح، بل يعمل بكل واحد من الدليلين في موضحه الذي ورد فيه، أي يعمل بالمطلق حيثما ورد مطلقاً، ويعمل بالمقيد حيثما ورد مقيداً. ١ وعبارته فيه فائدة: قال صدر الدين قاضي قضاة الحنفية يوما نقض الشافعية أصلهم فإنهم يقولون يحمل المطلق على المقيد وقد ورد قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً" وهذا مطلق وروي "أولاًهن بالتراب وإحداهن بالتراب" فإحداهن مطلق ولم يحملوه على المقيد الذي هو أولاهن، قال وناظرت جماعة منهم من جملتهم شمس الدين الأرموي قاضي العسكر ولم يجدوا له جواباً قلت له: جوابه إن هذا الحديث تعارض فيه قيدان "أولاهن وأخراهن " فليس حمل المطلق الذي هو "إحداهن" على أحدهما بأولى من الآخر، وقاعدة القائلين بالحمل أنه إذا تعارض قيدان بقي المطلق على إطلاقه، فلم يتركوا أصلهم، بل اعتبروا أصلهم. ينظر: تنقيح الفصول ص "٢٦٩".