٢ والإقالة: قيل: مأخوذة من القول، فهمزتها حينئذ للسلب، أي: أزال القول السابق. وقيل: مأخوذة من القيل، وعلى هذا فعينها ياء لا واو. ويدل له قولهم: قلت: البيع بكسر القاف –وقال البيع قيلا. وأقال البيع بمعنى فسخه، وبناء على أن الهمزة للسلب يكون الفسخ لازما للمعنى الوضعي؛ لأن إزالة القول –وهو العقد- يلزمه رفع البيع. فالإقالة مصدر أقال، واسم مصدر قال: بمعنى فسخ؛ لأنه يقال أيضا: قال البيع إقالة. ومعناها في الاصطلاح: رفع البيع برضا العاقدين كتقايلنا البيع، أو يقول أحدهما: أقلته، ويقيل الآخر، وإذا، فلا بد في الإقالة من رضا العاقدين معا بها، فليس لأحدهما أن يستبد بها وحده. وهي في هذا تخالف الفسخ بالخيار، إذ لمن هو له أن يفسخ البيع إن شاء من غير توقف على رضا صاحبه. الفرق بينهما أن الخيار يجعل العقد غير لازم في حق من هو له. وأما الإقالة فلا تكون إلا حيث يكون العقد لازما لهما. نعم تشبه الإقالة الخيار، من جهة أنهما لا يدخلان إلا عقود المفاوضات المالية اللازمة القابلة للنسخ، ثم الإقالة جائزة شرعا؛ لأن العقد حقهما، وآثاره المترتبة عليه وقف عليهما –فلهما رفعه. بل هي مندوبة، لأنها غالبا لا تكون، إلا تحت ضغط الحاجة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "من أقال نادما بيعته – أقال الله عثرته". ٣ أخرجه أحمد ٢/٢٥٢، وأبو داود ٣/٧٣٨، كتاب البيوع والإجارات: باب في فضل الإقالة، حديث ٣٤٦٠، وأبو يعلى في معجم شيوخه ص ٣٤٤ رقم ٣٢٦، وابن حبان ١١٠٣-موارد، والحاكم ٢/٤٥، والبيهقي ٦/٢٧، كتاب البيوع: باب من أقال المسلم إليه بعض المسلم وفي شعب الإيمان ٦/٣١٤-٣١٥ رقم ٨٣١٠، والخطيب في تاريخ بغداد ٨/١٩٦، من طريق يحيى بن معين ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أقال مسلما عثرته أقاله الله عثرته يوم القيامة" وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه ابن حبان.==