و "كفي" الأولى قيل إنها اسم فعل، وقيل إنها فعل، حكاهما السمين في إعرابه عند قوله تعالي:{وكفي بالله حسيبًا}[النساء/ ٦].
وقال أبو حيان في "شرح التسهيل": قال أستاذنا أبو جعفر بن الزبير: لا تزاد الباء في فاعل كفي إلا إذا كانت بمعني حسب، وأما إذا كانت بمعني وقي، فلا تزداد، نحو قوله تعالي:{وكفي اللهُ المؤمنين القتال}[الأحزاب/٢٥] انتهي. وقال في تفسيره " البحر" عند قوله تعالي: {وكفي بالله وليًا وكفي بالله نصيرًا) من سورة النساء [الآية/٤٥]: الباء في بالله زائدة، ويجوز حذفها كما قال سحيم:
كفي الشَّيبُ والإسلامُ للمرء ناهيا
وزيادتها في فاعل كفي، وفاعل يكفي مطردة، كما قال تعالي: {أو لم يكف بربك أنه كل شيء شهيد} [فصلت/٥٣] وقال الزجاج: دخلت الباء في الفاعل لأن معني الكلام الأمر، أي: اكتفوا بالله، وكلام الزجاج مشعر أن الباء ليست بزائدة، ولا يصح ما قال من المعني، لأن الأمر يقضتي أن يكون فاعله هم المخاطبون، ويكون بالله متعلقاً به، وكون الباء دخلت في الفاعل يقضتي أن يكون الفاعل هو الله تعالي لا المخاطبون، فتناقض قوله.
وقال ابن السراج: معناه كفي، الاكتفاء بالله تعالي، وهذا أيضاً يدل على أن الباء ليست زائدة إذا تتعلق بالاكتفاء، فالاكتفاء هو الفاعل لكفي، وهذا أيضاً لا يصح، لأن فيه حذف المصدر وهو موصول، وإبقاء معمولة، وهو لا يجوز إلا في الشعر، نحو قوله:
هل تذكرنَّ إلى الدَّيرين هجرتكم ... ومسحكم صلبكم رحمن قربانا