كثير: وإني وتهيامي بعزة ... البيت، فقلت له: ما موضع "تهيامي" من الإعراب؟ فأفتى بأنه مرفوع بالابتداء، وخبره بعزة، وجعل الجملة التي هي "تهيامي بعزة" اعتراضاً بين اسم "إن" وخبرها، لإن فيها ضرباً من التسديد للكلام، كما تقول: إنك، فاعلم، رجل سوء، وهذا الفصل، والاعتراض الجاري مجرى التوكيد، كثير في الكلام، وإذا جاز الاعتراض بين الفعل والفاعل في نحو ما أنشدناه أبو علي من قوله:
وقد أدركتني والحوادث جمة ... أسنة قوم لا ضعاف ولا عزل
كان الاعتراض بين اسم "إن" وخبرها أسوغ، وقد يحتمل بيت كثير أيضاً تأويلاً آخر غير ما ذهب إليه أبو علي، وهو أن يكون "تهيامي" في موضع جر على أنه أقسم به، كقولك: إني وحبك، لضنين بك، وعرضت على أبي على هذا الجواب، فقبله وأجاز ما أجاز؛ فالباء على هذا في "بعزة" متعلقة بنفس المصدر الذي هو التهيام، وهي، فيما ذهب إليه أبو علي، متعلقة بمحذوف هو الخبر عن "تهيامي" في الحقيقة. انتهى كلامه.
وقال في "باب الاعتراض" من "الخصائص" أيضاً: وسألت أبا علي عن بيت كثير "وإني وتهيامي بعزة ... البيت". فأجاز أن يكون قوله:"وتهيامي بعزة" جملة من مبتدأ وخبر اعترض بها بين اسم إن وخبرها الذي هو قوله: "لكالمرتجي ظل الغمامة .. البيت"، فقلت له: أيجوز أن يكون وتهيامي بعزة قسماً؟ فأجاز ذلك، ولم يدفعه. انتهى.
وعلى قول أبي علي يكون الاعتراض بجملة اسمية، وعلى قول ابن جني يكون الاعتراض بجملة فعلية قسمية، وإنما لم يذكر عطف "تهيامي" على اسم إن لكونه بديهياً واضحاً، فتكون الباء متعلقة به، كقول ابن جني، و"بعد" على التقادير الثلاثة، متعلقة به. وما: مصدرية، والتهيام: مبالغة، مصدر هام يهيم هيماً: