قال ابن جني في سورة الأحزاب من "المحتسب" في قول الفرزدق:
وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي
أي: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا، ولذلك عندنا فصل الضمير فقال: أنا، وأنت لا تقول: يقوم أنا، ولا يقعد نحن، ولولا ما ذكرنا من إرادة النفي لقبح الفصل، وأنشدنا أبو علي:
فاذهب فأي فتى في الناس أحرزه ... من يومه ظلل دعج ولا جبل
أي: ما أحد أحرزه من الموت. انتهى. والبيت من قصيدة للمتنخل الهذلي رثى بها ابنه أثيلة، بضم الهمزة وفتح المثلثة، وهذا مطلعها:
ما بال عينك أمست دمعها خضل ... كما وهى سرب الأخراب منبزل
لا تفتأ الليل من دمع بأربعة ... كأن إنسانها بالصاب مكتحل
هذا خطاب مع نفسه، وخضل: ندي، ووهى السقاء: إذا تخرق وانشق، والأخراب جمع خربة، بضم الخاء المعجمة، وهي عروة المزادة، وكل ثقب مستدير، وسرب، بفتح فكسر: السائل، يقال: سربت المزادة من باب فرح: إذا سالت، ومنبزل: منشق، ولا تفتأ: لا تزال، يقال: جاءنا وعيناه بأربعة، أي: بأربعة مدامع، أو مسايل، أي: تسيل من نواحيها من المؤقين واللحاظين، والصاب: شجر له لبن مر إذا أصاب لبنه العين، حرقها وأدمعها، إلى أن قال يخاطب ولده:
فاذهب فأي فتى في الناس أحرزه
أي جعله في حرز منيع يمنع من الوصول إليه، ومن حتفه: متعلق به، والحتف: