إنَّي فرعت الذرى من ذروة فرعت ... شمَّ الجبال من الشمَّ المنفيات
كم فيهم من فتى ترجى نوافله ... ومنهم من يغادى بالتَّحيّات
وكتبت هذه القصيدة كاملة لحسنها، ولندرة ذكرها في كتب الأدب، فإني لم أرها إلاَّ بخط ابن أسد الكاتب الخطَّاط، تلميذ وشيخ وأستاذ ابن البوّاب، في مجموع قصائد وأشعار، وروايات وأخبار. قال في آخره: نقلت جميعه من أصل أبي عبد الله بن مقلة بخطه في شهر رمضان سنة سبعين وثلاثمَّائة، وقابلت به وصحّ، انتهى. وخطّ ابن أسد المذكور في نهاية الجودة وصحة الضبط والإتقان.
وهذا شرح بعض كلّمات القصيدة:
التخابر: تفاعل من الخبرة – بالكسر- وهو الإمتحان، وعزّت مكاسبه.
قلت، من العزة وهي القلة، وأراد بأولاد عَّلات: متباغضين؛ لانهم بنو أب من أمهات شيء، ولا يحبّ بعضهم بعضًا في الغالب، وإنَّما يتحابون إذا كانوا أشقاء، الواحدة علة، بفتح العين المهلة، من العلل، وهو الشرب بعد الشرب، لأنَّ الأب لما تزوج مرة بعد أخرى، صار كأنه شرب مرة بعد أخرى، وإذا كانوا من أم واحدة وآباءهم شتى، فهم أولاد الأخياف، ويقال للأشقاء ايضًا: أولاد الأعيان، والحزازة، بفتح المهملة: وجع في القلب من غيظ ونحوه. والأحداث: جمع حدث بفتحتين، وهو اسم للأحداث، مصدر أحدث، ومؤتنف، بفتح النون: مستأنف ومستقبل، يقال: جارية مؤتنفة الشباب، أي: مقتبلته، واليسر: والغنى، والإقتار: الفقر، وعزفت بمهلة فمعجمه، يقال: عزفت نفسه عن كذا، أي: إنَّصرف وملّت، والخطوب: حوداث الدهر، والممرّات صفته، بمعنى الشديدات: اسم فاعل من أمرّ الشيء: إذا صار مرّا، ونوبة الغني: حدوثه وإصابته.
والبطر: سوء تحمل النعمة. وقوله: لا ينعشون، من نعشه الله بمعنى أقامه، من باب فتح، ويقال أيضًا: إنَّعشه. وقوله كالأسد ما ألبسوا: ما: مصدرية دوامية، وأمنًا: مفعول ثان لألبسوا، والواو نائب الفاعل، وكان المفعول الأول، وآم