للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرة المسك فأرة لأنّ الروائح الطيبة تفور منها، والأصل: فأرة، بالهمز فخفف. وقال أبو جعفر النحّاس أيضًا في شرحها: إنما خصّ فارة التاجر لأنه لا يتربص بالمسك، إذ كان يتغير، فمسكه أجود. وفارة المسك غير مهموزة، لأنها من فار يفور، والفأرة المعروفة مهموزة. هذا كلامه، والقسيمة بفتح القاف: جونة العطّار، بضم الجيم، وقيل: سوق المسك، وقيل: العير التي تحمل المسك، والباء على القولين الأولين بمعنى في، وعلى الثالث بمعنى مع، وجملة: "سبقت" الخ: خبر كأنَّ، أي: سبقت نكهة الفارة عوارضها إليك، والعارض: ما بعد الناب من الأسنان، وقيل: الناب نفسه، يقول: إذا أهويت إليها لتقبلها انتشر من فمها رائجة طيبة كالمسك، وسبقت عوارضها إلى أنفك، وقال الزوزني: شبّه طيب نكهتها بطيب ريح المسك، أي: يسبق نكهتها الطيبة عوارضها إذا زمّت نفسها. وقوله: أو روضة، بالنصب، معطوف على فارة، وقال أبو جعفر النحاس، والخطيب التبريزي: ويجوز فيه الرفع عطفًا على المضمر الذي في سبقت، وحسن العطف على المضمر المرفوع لأنّ الكلام قد طال، ألا ترى أنّك لو قلت: ضربت زيدًا وعمرو، فعطفت عمرًا على التّاء، كان حسنًا لطول الكلام؟ انتهى. وعلى الأول تكون روضة مشاركة لفارة تاجر في الخبر، أعني في قوله: سبقت. قال الدينوري: إذا كان القاع الحرّ، أي الخالص في الرّمل، تنصبّ إليه سيول الأمطار فترويه، وحينئذ يستروض القاع، ويكثر نباته، وتشرب عروقه مما تشرب القاع من مياه السيول، وليست روضة إلاّ لها احتقان، واحتقانها أنّ جوانبها تشرف على سرارها، وسرارها: قرارتها حيث يستقرّ الماء، وأكرم سرارتها حديقتها، وهي حيث سقى آخر الماء، فذاك أكرمها وأكثرها نبتًا، وأطولها بقاء نبات، ولذلك قال الأصمعي: لا تكون الروضة إلاّ مستديرة، وكذا الحديقة، وكذا وصفها عنترة فقال:

جادت عليها كلّ عين ثرّة البيت ..

<<  <  ج: ص:  >  >>