للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كل واحد من البيتين الكسر والفتح, انتهى كلامه.

وقال أبو علي في «الحجة»: إن قلت: كيف صح الجزاء منا والصد ماض؟ لأنه إنما هو ما كان من المشركين ومن صدهم المسلمين عن البيت في الحديبية, والجزاء إنما يكون بما لم يأت, فأما ما كان ماضيًا فلا يكون فيه الجزاء, فالقول فيه: إن الماضي قد يقع في الجزاء ليس على أن المراد بالماضي الجزاء, ولكن المراد ما كان مثل هذا الفعل, فيكون اللفظ على ما مضى, والمعنى على مثله, كأنه يقول: إن وقع مثل هذا الفعل يقع منكم كذا , وعلى هذا حمل الخليل وسيبويه قول الفرزدق: أتغضب إن أذنا قتيبة .. البيت, وعلى ذلك قول الشاعر:

إذا ما انتسبنا لم تلدني ... البيت

فانتفاء الولادة أمر ماض, وقد جعله جزاء, والجزاء إنما يكون بالمستقبل, فكأن المعنى: إن ننتسب لا تجدني مولود لئيم, وجواب «إن» قد أغنى عنه ما تقدم من قوله: {لا يجرمنكم} المعنى: إن صدوكم عن المسجد الحرام فلا تكتسبوا عدوانًا.

وأما قول من فتح فبين, وهو أنه مفعول له, التقدير: ولا يجرمنكم شنآن قوم لأن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا, فأن الثانية في موضع نصب بأنه المفعول الثاني, والأول منصوب لأنه مفعول له, هذا آخر كلامه.

والبيت من قصيدة طويلة للفرزدق مدح بها سليمان بن عبد الملك وهجا جريرا وقبله:

<<  <  ج: ص:  >  >>