على أن "عن" زائدة التعويض عن أخرى محذوفة، قال ابن مالك في "شرح التسهيل": قال ابن جني: أراد: فهَّلا عن التي بين جنبيك تدفع، فحذف عن، وزادها بعد التي عوضًا، وقال أبو حيان بعد ما نقله: قد نصَّ سيبويه على أن "عن وعلى" لا يزادان عوضًا ولا غير عوض. انتهى. أقول: يحمل قول سيبويه على التقديم والتأخير، وإليه ذهب ابن عصفور، قال في كتاب "الضرائر": ومنه تقديم المجرور على حرف الجر، وهو من القلة بحيث لا يلتفت إليه نحو قوله: أتجزع إن نفس أتاها .. البيت، يريد: فهّلا عن التي بين جنبيك تدفع، وابن جني ذكر زيادة "على وعن" للتعويض في "المحتسب" عند توجيه قراءة ابن جماز: {والله يريد الآخرة}[الآية /٦٧] من سورة الأنفال، بحملها على عرض الآخرة، قال: وجه جواز ذلك، على عزته وقلة نظيره، أنه لما قال:{تريدون عرض الدنيا}، فجرى ذكر العرض؛ صار كأنه أعاده ثانيًا، فقال: عرض الآخرة، ولا ينكر نحو ذلك، ألا ترى إلى بيت "الكتاب":
وأن تقديره وكل نارٍ، فناب ذكره "كلَّا"، أول الكلام عن إعادتها في الآخرة وعليه بيته أيضًا:
إنَّ الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يومًا على من يتَّكل
أراد: من يتكل عليه، فحذف "عليه" من آخر الكلام استغناء عنها بزيادتها في قوله: على من يتكل، وإنما يريد: إن لم يجد من يتكل عليه، وعليه أيضًا قول الآخر: أتدفع عن نفس أتاها ... البيت، أراد: فهّلا عن التي بين