للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واختلف في تقدير الآية فقيل: مثل نفقة الذين ينفقون في سبيل الله كمثل حبة.

وقيل: مثل الذين ينفقون في سبيل الله كمثل باذر حبة، ليطابق الممثل للممثل به. فها هنا أربعة أُمور: منفق، ونفقة، وباذر، وبذر.

فذكر سبحانه من كل شق أهم قسميه؛ فذكر من شق الممثل المنفِق، إذ المقصود ذكر حاله وشأْنه، وسكت عن ذكر النفقة لدلالة اللفظ عليها. وذكر من شق الممثل به البذر إذ هو المحل الذي حصلت فيه المضاعفة.

وترك ذكر الباذر لأن الغرض لا يتعلق بذكره.

فتأمل هذه البلاغة والفصاحة والإيجاز المتضمن لغاية البيان. وهذا كثير في أمثال القرآن، بل عامتها ترد على هذا النمط.

ثم ختم الآية باسمين من أسمائه الحسنى مطابقين لسياقها، وهما «الواسع والعليم»، فلا يستبعد العبد هذه المضاعفة، ولا يضيق عنها عَطَنُه، فإن المضاعف سبحانه واسع العطاء، واسع الغنى، واسع الفضل، ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضي حصولها لكل منفق، فإنه عليم بمن تصلح له هذه المضاعفة وهو أهل لها، ومن لا يستحقها ولا هو أهل لها، فإن كَرَمَهُ سبحانه وفضله لا يناقض حكمته، بل يضع فضله مواضعه لسعته ورحمته، ويمنعه من ليس من أهله بحكمته وعلمه.

ثم قال : ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢)[البقرة: ٢٦٢].

هذا بيان للقرض الحسن ما هو؟ وهو أن يكون في سبيله، أي: في مرضاته والطريق الموصلة إليه، ومن أهمها سبيل الجهاد.

<<  <   >  >>