أنه سبحانه وصف نفسه بأنه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، وأنه لا سمي له، ولا كفؤ له، وهذا يستلزم وصفه بصفات الكمال، التي فات (١) بها شبه المخلوقين، واستحق بقيامها به أن يكون ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ وهكذا كونه ليس له سمي، أي: مثيل يساميه في صفاته وأفعاله، ولا من يكافيه فيها، ولو كان مسلوب الصفات والأفعال والكلام والاستواء والوجه واليدين، ومنفيا عنه مباينة العالم ومحايثته واتصاله به وانفصاله عنه وعلوه عليه، وكونه يمنته أو يسرته وأمامه أو وراءه، لكان كل عدم مثلاً له في ذلك، فيكون قد نفى عن نفسه مشابهة الموجودات.
وأثبت لها مماثلة المعدومات، فهذا النفي واقع على أكمل الموجودات وعلى العدم المحض، فإن العدم المحض لا مثل له ولا كفؤ ولا سمي، فلو كان المراد بهذا نفي صفاته وأفعاله واستوائه على عرشه، وتكلمه بالوحي وتكليمه لمن يشاء من خلقه، لكان ذلك وصفا له بغاية العدم فهذا النفي واقع على العدم المحض، وعلى من كثرت أوصاف كماله ونعوت جلاله وأسماؤه الحسنى حتى تفرد بذلك الكمال فلم يكن له شبه في كماله ولا سمي ولا كفوء.
(١) فات: فاتني كذا أي: سبقني. والمعنى: أن الله وصف بصفات الكمال التي لا تشبه صفات المخلوق بحال.