للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة المدثر]

٦٤ - قال تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)

[المدثر: ٥٠، ٥١].

قَوْله تَعَالَى فِي تَشْبِيهِ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ كَلَامِهِ وَتَدَبُّرِهِ: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)﴾ شَبَّهَهُمْ فِي إعْرَاضِهِمْ وَنُفُورِهِمْ عَنْ الْقُرْآنِ بِحُمُرٍ رَأَت الْأَسَدَ (١) والرُّمَاةَ (٢) فَفَرَّتْ مِنْهُ، وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ التَّمْثِيلِ، فَإِنَّ الْقَوْمَ فِي جَهْلِهِمْ بِمَا بَعَثَ اللهُ سبحانه رَسُولَهُ كَالْحُمُرِ، فهِيَ لَا تَعْقِلُ شَيْئًا، فَإِذَا سَمِعَتْ صَوْتَ الْأَسَدِ والرَّامي نَفَرَتْ مِنْهُ أَشَدَّ النُّفُورِ، وَهَذَا غَايَةُ الذَّمِّ لِهَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ نَفَرُوا عَنْ الْهُدَى الَّذِي فِيهِ سَعَادَتُهُمْ وَحَيَاتُهُمْ كَنُفُورِ الْحُمُرِ عَنْ مَا يُهْلِكُهَا وَيَعْقِرُهَا، وَتَحْتَ المُسْتَنْفِرَةِ مَعْنًى أَبْلَغُ مِنْ النَّافِرَةِ؛ فَإِنَّهَا لِشِدَّةِ نُفُورِهَا قَدْ اسْتَنْفَرَ


(١) ثبت عن أبي موسى وابن عباس وقتادة: أنهم فسروا ﴿قَسْوَرَةٍ﴾ بالرماة.
أخرجه الطبري في «التفسير» (٣٥٣٥٦)، (٣٥٣٥٥)، (٣٥٣٦٥) وقد بسطت القول في تخريجه في «التنقيح والتحرير على مقدمة أصول التفسير» لابن تيمية (ص ٤٠، ٤١) ط دار التأصيل.
(٢) أخرج الطبري رقم (٣٥٣٧٧) ط دار السلام، حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني داود بن قيس عن زيد بن أسلم في قول الله: ﴿فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾ قال: الأسد. وهذا إسناده صحيح.
وأخرج برقم (٣٥٣٧٠)، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر كما في «الدر المنثور» من طريق أبي جمرة، قال: قلت لابن عباس: القسورة الأسد، فقال: ما أعلمه بلغة أحدٍ من العرب. الأسد: هم عصبة الرجال. وإسناده صحيح. وانظر: «التنقيح والتحرير على مقدمة أصول التفسير» لابن تيمية (ص/ ٤١ - ٤٢) ط دار التأصيل.

<<  <   >  >>