وهذه الآية كأنها كالتفسير والبيان لمقدار الأضعاف التي يضاعفها للمقرض، ومثل سبحانه بهذا المثل إحضارًا لصورة التضعيف في الأذهان بهذه الحبة التي غيبت في الأرض، فأنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مائة حبة، حتى كأن القلب ينظر إلى هذا التضعيف ببصيرته، كما تنظر العين إلى هذه السنابل التي هي من الحبة الواحدة.
وتأمل كيف جمع السنبلة في هذه الآية على سنابل، وهي من جموع الكثرة، إذ المقام مقام تكثير وتضعيف؛ وجمعها على سنبلات في قوله ﷾: ﴿وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾ [يوسف: ٤٣]، فجاءَ بها على جمع القلة؛ لأن السبعة قليلة، ولا مقتضى للتكثير.
وقوله ﷾: ﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٦١]، قيل: المعنى والله يضاعف هذه المضاعفة لمن يشاءُ لا لكل منفق بل يختص برحمته من يشاءُ؛ وذلك لتفاوت أحوال الإنفاق في نفسه، وفى صفات المنفق وأحواله، وفى شدة الحاجة وعظيم النفع وحسن الموقع.
وقيل: والله يضاعف لمن يشاءُ فوق ذلك، فلا يقتصر به على السبعمائة، بل يجاوز في المضاعفة هذا المقدار إلى أضعاف كثيرة.