(٢) وقال في «الفوائد» (ص/ ١٤٧ فما بعد): فهذا مثل عالم السوء الذي يعمل بخلاف علمه. وتأمّل ما تضمنته هذه الآية من ذمه، وذلك من وجوه: أحدها: أنه ضل بعد العلم، واختار الكفر على الإيمان عمدًا لا جهلًا. وثانيها: أنه فارق الإيمان مفارقة من لا يعود إليه أبدًا؛ فإنه انسلخ من الآيات بالجملة، كما تنسلخ الحية من قشرها، ولو بقي معه منها شيء، لم ينسلخ منها. وثالثها: أن الشيطان أدركه ولحقه، بحيث ظفر به وافترسه، ولهذا قال: ﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾، ولم يقل تبعه، فإن معنى أتبعه أدركه ولحقه، وهو أبلغ من تبعه لفظًا ومعنى. ورابعها: أنه غوي بعد الرشد. والغي: الضلال في العلم والقصد، وهو أخص بفساد القصد والعمل كما أن الضلال أخص بفساد العلم والاعتقاد؛ فإذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر، وان اقترنا فالفرق ما ذكر. وخامسها: أنه سبحانه لم يشأ أن يرفعه بالعلم فكان سبب هلاكه؛ لأنه لم يرفع به فصار وبالًا عليه، فلو لم يكن عالمًا لكان خيرًا له وأخف لعذابه. =