"أصبحنا (١) على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -،
ــ
"ومخالفة شعبة لسفيان -وهو الثوري- تعتبر شاذة؛ لأنه أحفظ منه باعتراف شعبة نفسه، ولكن من الممكن أن يقال: إن سلمة ثقة ثبت، وكان يرويه على الوجهين:
مرة عن عبد الله بن عبد الرحمن؛ فحفظه سفيان، ومرة عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن؛ فحفظه شعبة. وإن مما يقرب ذلك أن (عبد الله) و (سعيدًا) أخوان.
قال الأثرم: قلت لأحمد: سعيد وعبد الله أخوان؟ قال: نعم، قلت: فأيهما أحب إليك؟ قال:"كلاهما عندي حسن الحديث"" أ. هـ.
ثم قال - رحمه الله -: "فلا يبعد أن يكون كلُّ منهما سمع الحديث من أبيهما عبد الرحمن؛ فرواه سلمة عن عبد الله مباشرة، وعن سعيد بواسطة (ذر)؛ فروى عنه كل من سفيان وشعبة ما سمع، وكلاهما ثقة حافظ، ولعل هذا الجمع أولى من تخطئة شعبة، والله أعلم.
وعلى كل حال؛ فالحديث صحيح؛ فإن الأخوين ثقتان، وإن كان سعيد أوثق، فقد احتج به الشيخان.
وأما عبد الله، فقد ذكره ابن حبان في "الثقات"(٧/ ٩)، وكذا ابن خلفون، وصحح له الحاكم (٢/ ٢٤٠ - ٢٤١)، والذهبي، وروى عنه جمع من الثقات؛ فقول الحافظ في "التقريب": "مقبول"، فهو غير مقبول، والأقرب قوله في "نتائج الأفكار"(٢/ ٣٨٠): "وهو حسن الحديث؛ كما قاله الإمام أحمد"؛ فالإسناد جيد، وبخاصة على الجمع المذكور بين روايتي سفيان وشعبة" أ. هـ.
أما الحافظ ابن حجرة فقال في "نتائج الأفكار" (٢/ ٣٧٩) عن هذا الاختلاف: "ومع هذا الاختلاف لا يتأتى الحكم بصحته، والله المستعان"؛ فتعقبه شيخنا - رحمه الله - في "الصحيحة" (٦/ ١٢٣٣ - ١٢٣٤): "أقول: ليس كل اختلاف له حظ من النظر؛ فإن الراجح يقينًا رواية سفيان على رواية شعبة، ومثل هذا لا يخفى على مثل الحافظ؛ فالظاهر أنه لم يتيسر له إمعان النظر في روايتيهما، كيف لا، وهو الذي ذكر في ترجمة (سفيان) عن شعبة أنه قال: "سفيان أحفظ مني"، وبذلك جزم جماعة من الحفاظ كأبي حاتم، وأبي زُرعة، وابن معين، وصالح جزرة وغيرهم، وقال يحيى القطان:"ليس أحد أحبّ إليّ من شعبة، ولا يعدله أحد عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان"؛ انظر:"السير"(٧/ ٢٣٧)" أ. هـ كلامه - رحمه الله -.
تنبيهات على أوهام:
الأول: وقع في كتاب "الأذكار" للنووي (١/ ٢٣٨ - بتحقيقي) اسم صحابي الحديث عبد الله بن أبزى، وهو خطأ لم أتنبه له، والصواب: عبد الرحمن بن أبزى؛ فليصحح.