الباطلة، والتي لا أصل لها صحيح إطلاقاً، فيعلمونها للناس، ويأخذونهم بلازمها، بل ويعرضون عن الحديث الصحيح - أحياناً - لأنه يناقض أحد هذه الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة. وذلك عن جهل بعدم ثبوتها.
ولست أنسى أنني دخلت في أحد المساجد المشهورة، فصعد الخطيب وصار يزمجر ويندد بالذين يهاجمون مشايخ الطرق الصوفية، أصحاب الكرامات، ثم ساق للناس هذه القصة مساق الدليل على صحة دفاعه فقال: خرج أحد المريدين يقصد شيخه، فأعترضته امرأة في الطريق، فقالت له: أن ابني في الجندية وقد أرسل لي رسالة، فهلا قرأتها عليَّ؟! فوافق الرجل المريد وذهب معها إلى البيت، ولا يوجد فيه أحد!! فدخلت المرأة بيتاً في دارها، فتزينت ثم خرجت للرجل وقالت له: هيت لك! وإلا صرخت ورميتك بالفاحشة!! فقال الرجل: لكني أريد أذهب إلى الغائط (دورة المياه) فأذنت له، فدخل ثم صار يدعو الله باسمه الأعظم!! فبينما هو كذلك، إذ رأى سُلماً، فنْزل عليه إلى الشارع!! وذهب إلى شيخه فقال له: أين كنت يا بني لقد تأخرت؟! فقال: عرضت لي حاجة، فقال الشيخ: يا بني لا تخجل، أنا الذي نصبت لك السلم؟!!! وما أن، انتهى الخطيب من هذه الحاكية حتى هاج الناس، وبكى بعضهم من التأثر، وخلع بعضهم العمائم إعجاباً. ومع بطلان هذه القصة، وما في معناها من المخالفات الشرعية فإن الناس طربوا لها، مع كون الخطيب ساق عدة آيات وأحاديث صحيحة فما اهتز وجدان أحد، فضلاً عن إثارتها لدموعه. والسبب في ذلك شرحه يطول، وقد شرحته في غير هذا الموضع (١) ، فانظر إلى هذا المثال، وألوف مثله يلقيها الواعظون، والمعلمون، فما بالك بغيرهم؟!! مما يدل على ضرورة تبصير الناس بهذا المسلك الخطر.
(١) في جزء لي في شرح حديث ((إن الله لا يقبض العلم ينتزعه انتزاعاً ٠٠) يسر الله طبعه