أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج ١/ ق ١٣/ ١) ، والطحاوي في ((المشكل)) (٣/ ١٥٤) من طريق عبد الرحمن [وقع عند الطحاوىء: ((عبد الله)) وهو خطأ] بن صالح الأزدي، ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، عن الأعمش، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: استشهد غلام منا يوم أحد، فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع، فمسحت أمه التراب عن وجهه، وقالت؛ هنيءً لك يا بني الجنة!، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ٠٠٠ فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف لأمرين: الأول: يحيى بن يعلى ضعفه أبو حاتم. وقال البخاري: ((مضطرب الحديث)) . وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) . لكنه توبع تابعه حفص بن غياث عن الأعمش به نحوه. أخرجه الترمذي (٢٣١٦) من طريق عمر بن حفص عن أبيه قال: ((هذا حديث غريب)) . والثاني. = =أنه لا يصح للأعمش لقاء بأنس، إنما رآه فقط كما قال ابن المديني. ومن الغرائب قول الأعمش: ((رأيت أنس بن مالك، وما منعني منه إلا استغنائي بأصحابي)) فهذا قول غريب من الأعمش، فإن ابن عبد البر في ((الجامع)) : ((ليس بالقوي)) . والله أعلم. (٢) ٦٠- ضعيف. أخرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) - كما في ((المطالب)) (٤/ ١٢٠- ١٢١) - وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج ١/ ق ١٣/ ٢) من طريق أبي معشر، عن محمد بن كعب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قال الحافظ: ((فيه ضعف، وانقطاع، وأصله في الصحيح)) .
قلت: أما الضعف، آت من أبي معشر واسمه نجيح بن عبد الرحمن، ضعفه ابن معين، وابن المديني، والنسائي، وأبو داود وغيرهم. وأما الانقطاع، فالصواب أن يقال: الإرسال، وذلك أن محمد بن كعب القرظي لم يدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال الحافظ العراقي في ((المغني)) (٣/ ١١٣) : ((وأخرجه ابن أبي الدنيا هكذا مرسلا:، وفيه نجيح، واختلف فيه)) . قلت: كذا في ((المطبوعة)) ، والظاهر أن العبارة كانت: ((وفيه أبو معشر نجيح)) فقط اسم ((معشر)) . وأما قوله: ((وأصله في الصحيح)) ، فيشير إلى ما أخرجه البخاري (٧/ ١٢٩- فتح) ، ومسلم (٢٤٨٤/ ١٤٨- ١٤٩) واللفظ له، وأحمد (٥/ ٤٥٢) عن قيس بن عباد قال: كنت بالمدينة في ناس فيهم بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رجل في وجهه أثر من خشوع فقال بعض القوم: هذا رجل من أهل الجنة، هذا رجل من أهل الجنة. فصلى ركعتين يتجوز فيهما، ثم خرج فاتبعته، فدخل منزله، ودخلت، فتحدثنا، فلما استأنس قلت له: إنك لما دخلت قبل، قال رجل كذا وكذا قال سبحان الله! ، ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم. وسأحدثك لم ذاك؟ رأيت رؤيا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصصتها عليهِ. رأيتني في روضة - ذكر سعتها وعشبها وخضرتها - ووسط الروضة عمود من حديد أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء. في أعلاه عروة، فَقِيلَ لي: ارفعه! فقلت لهُ: لا أستطيع. فجاءني منصف [قالَ ابن عوف: المنصف الخادم] فَقَالَ بثيابي من خلفي [يعني فأخذ بثيابي ورفعني] وصف أنه رفعه من خلفه بيده - فرقيت حتى كنت في أعلى العامود، فأخذت بالعروة، فَقِيلَ لي: استمسك. فلقد استيقظت وإنها لفي يدي!! . فقصصتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ((تلك الروضة الإسلام، وَذَلكَ العمود الإسلام، وتلك العروة عروة الوثقى، وأنت على الإسلام حتى = = تموت)) . قالَ: والرجل عبد الله بن سلام. وفي رواية لمسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((يموت عبد الله وهوَ آخذ بالعروة الوثقى)) . وأخرجه مسلم (٢٤٨٤- ١٥٠) ، والنسائي في ((الرؤيا - من الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي (٤/ ٣٥٣) -، وابن ماجة (٣٩٢٠) ، وأحمد (٥/ ٤٥٢- ٤٥٣) من طريق خرشة بن الحر الفزاري نحوه. وظاهر من السياق أنه ليس فيهِ تشابه مع حديث الباب سوى أن عبد الله بن سلام من أهل الجنة. وهذا ما عناه بقوله: ((أصله في الصحيح)) ، فلذا لا يصلح شاهداً له لافتراقهما. والله أعلم.