١- هو أن التحقيق في هذا المجال، يستلزم مناقشته بعض الأئمة من السالفين أو المعاصرين في بعض ما ذهبوا إليه، فلا يقعن في روع أحد أن ذلك هو من الحط عليهم، وعدم ذكرهم بالجميل، فضلاً عن أن يكون اغتيابا لهم، وكان يقال:((اعف عن ذي قبر)) ! فإنا نبرا إلى الله العظيم من ذلك. وكيف يكون تعقبنا لكبراء شيوخنا وعلماء سلفنا هو من الطعن عليهم:((.. وبهم ذكرنا، وبشعاع ضيائهم تبصرنا، وباقفاء واضح رسومهم تميزنا، وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا، وما مثلنا إلا كما ذكر أبو عمرو ابن العلاء قال: ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال ... )) (١) .
بل من أنعم النظر، وأعمل الفكر وجد أن بيان ما أهملوا، وتسديد ما أغفلوا، هو غاية الإحسان إليهم فإن هؤلاء الأئمة يوم وضعوا الكتب، أو تكلموا في العلم إنما كانوا يريدون بيان وجه الحق، فإذا أخطأ الواحد منهم كان هذا نقيض ما أحب وقصد، فالتنبيه على خطئه من أجل إعادة الأمر إلى قصده ومحبوبه واجب على كل من له حق عليه، إذ لم يكن أحد من هؤلاء الأئمة معصوماً من الزلل، وآمنا من مقارفة الخطل، وإن كان ما يتعقب به عليهم لا يساوي شيئاً في جنب ما أخروه من صواب، فشكر الله مسعاهم، وجعل الجنة مأواهم، وألحقنا بهم بواسع إحسانه ومَنِّهِ. وحسبنا أن نسوق على كل مسالة دليلها العملي، حتى لا نرمي بسوء القصد، أو شهوة النقد. وإني على يقين من وقوع الخطأ في بعض ما أذكره. والسبب واضح لكون