للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وحديث عائشة محمول على أنها كالته للاختبار، فلذلك دخله النقص وهو شبيه بقول أبي رافع لما قال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: في الثالثة (ناولني الذراع، قال: وهل للشاة إلا ذراعان؟. فقال: لو لم تقل هذا لناولتني ما دمت أطلب منك)، فخرج من شؤم المعارضة انتزاع البركة.
ويشهد لما قلته حديث (لا تحصي فيحصي الله عليك) الآتي.
والحاصل أن الكيل بمجرده لا تحصل به البركة ما لم ينضم إليه أمر آخر، وهو امتثال الأمر فيما يشرع فيه الكيل. ولا تنزع البركة من المكيل بمجرد الكيل ما لم ينضم إليه أمر آخر كالمعارضة، والاختبار ... ".
نقول: ويشهد لحديث عائشة أيضاً ما أخرجه مسلم في الفضائل (٢٢٨٠) باب: معجزات النبى-صلى الله عليه وسلم-من حديث جابر (أن أم مالك كانت تهدي للنبي -صلى الله عليه وسلم- في عكة لها سمناً، فيأتيها بنوها فيسألون الأُدْم- وليس عندهم شيء- فتعمد إلي الذي كانت تهدي فيه للنبي -صلى الله عليه وسلم- فتجد فيه سمناً، فما زال يقيم لها أدم بيتها حتى عصرته، فأتت النبي-صلى الله عليه وسلم-فقال: عصرتيها؟. قالت: نعم. قال: لو تركتيها ما زال قائماً".
وحديث جابر أيضاً عند مسلم (٢٢٨١) بلفظ "أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستطعمه، فأطعمه شطر وَسْق من شعير. فما زال الرجل يأكل منه وأمرأتُهُ وضيفهما حتى كاله. فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: لو لم تكله لأكلتم منه، ولقام لكم".
وقال النووي في "شرح مسلم" ٥/ ١٣٩: " قال العلماء: الحكمة في ذلك أن عصرها، وكيله مضادة للتسليم والتوكل على رزق الله تعالى. ويتضمن التدبير والأخذ بالحول والقوة، وتكلف الإحاطة باسرار حكم الله تعالى وفضله، فعوقب فاعله بزواله".
وقال القرطبي: "سبب رفع النماء من ذلك عند العصر والكيل- والله أعلم- الالتفات بعين الحرص مع معاينة إدرار نعم الله، ومواهب كراماته، وكثرة بركاته، والغفلة عن الشكر عليها، والثقة بالذي وهبها، والميل إلى إلأسباب المعتادة عند مشاهدة خرق العادة.
ويستفاد منه أن من رزق شيئاً، أو أكرم بكرامة، أو لطف به في أمر، فالمتعين عليه موالاة الشكر، ورؤية المنة لله تعالى، ولا يحدث في تلك الحالة تغييراً، والله أعلم". وانظر" تحفة الأحوذي " ٩/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>