عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟، فقال: استقر الزهري، حدثنيه، سمعته من فيه، يعيده، ويبديه عن سالم عن أبيه.
قال البيهقي: واختلف فيه على عقيل ويونس بن يزيد، فقيل عن كل واحد منهما عن الزهري موصولاً، وقيل مرسلاً، ومن وصله، واستقر على وصله، ولم يختلف عليه فيه، وهو سفيان بن عيينة حجة ثقة، والله أعلم.
قلت: ومن رجح الإرسال أعلم وأجل، فلو صرنا إلي التقليد لما كان لنا بد من تقليدهم، أما ونحن متعبدون باتباع ما ظهر لنا أنه أرجح فكلام البيهقي رحمه الله هو الأشبه بالصواب، فإن ابن عيينة من الأثبات، ومن أصحاب الزهري المعتنين بحديثه، وقد أكد أن الزهري استقر على الوصل، فهذا نص في كون الزهري كان يحدث به مرسلاً وموصولاً، ثم استقر في آخر أمره على الوصل، فهل يعدل أحد عن هذا البيان إلا من لم يتحرر من ربقة التقليد؟
والحديث صححه ابن حبان، وابن المنذر، والبيهقي وابن حزم، وابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق مسألة (٢٨٧)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١٥٠٥)، وابن الملقن في البدر المنير (٥/ ٢٢٥)، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن كلام المصححين لإرساله، والمصححين وصله (٣/ ١٥١٧ - ١٥١٩)، ثم قال: قال الترمذي في الجامع: وروى همام بن يحيى هذا الحديث عن زياد بن سعد، ومنصور، وبكر، وسفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه، وإنما هو سفيان بن عيينة، روى عنه همام.
قال ابن القيم: يعني أن الحديث لسفيان وحده، روى عنه همام كذلك، وفي هذا نظر لا يخفى، فإن همامًا قد رواه عن هؤلاء عن الزهري، ويبعد أن يكونوا كلهم دلسوه عن سفيان، ولم يسمعوه من الزهري.
وهذا يحيى بن سعيد مع تثبته وإتقانه يرويه كذلك عن الزهري، وكذلك موسى بن عقبة.