وهذا هو منهج الشيخ رحمه الله فيما إذا أطلق بعض الأئمة تفرد الراوي بحديث حتى لا يتهكم به هذا المستدرِك، وكأن الألباني لا يدري ما يقول، ففي سؤالاتي له ص (٩٢) س (٢١): قول الأئمة كالبخاري والدارقطني وكذلك البزار وغيرهم في الحديث: فلان لا يتابع عليه، (١) ويكون ظاهر الإسناد الصحة، فما هو القول في ذلك؟
فأجاب الشيخ: أنا لا أرى في هذا فرقًا للشرط الذي ذكرته: (يكون ظاهر الإسناد صحيحًا أو ثابتًا)، لا أرى فرقًا بين قولهم:(لا يتابع عليه)، وبين قولهم:(صحيح غريب)، أو (حسن غريب)، فهم يعنون فردًا، يعنون الغرابة، وقد يكون الأمر أبعد من هذا، تكون نظرتهم إلى متن الحديث، قد يكون المعنى مستنكرًا، إما بقواعد الشريعة، أو بأحاديث أخرى، وتكون هذه النكارة ما هي ظاهرة لكل الناس، وهذا يشبه تمامًا ما يفعله بعض الأئمة النقاد، ومن أشهرهم أبو حاتم الرازي، وقد يكون قريبًا منه الإمام الدارقطني حينما يقولون في الحديث: باطل، وهذا نجده كثيراً في كتاب الميزان من صنع الذهبي نفسه، حديث باطل، ومن الناحية السندية قد يكون هذا الحديث الذي قيل ببطلانه لا غبار على الإسناد بأكثر من أنه ضعيف بسبب سوء الحفظ، لكنهم نظروا إلى المعنى، ثم قال: من يقال فيه: (لا يتابع عليه) يكون القائل كأنه في نفسه شيء من هذا الحديث، إما من حيث الإسناد، وإما من حيث المتن، فمعناها كما قلنا آنفًا حينما يقول عن بعض المترجمين: يكتب حديثه، وينظر فيه: قد يلحق بالصحيح، وقد يلحق بالحسن، أو بما دون ذلك، أشبه ما يكون صنيع الحافظ ابن حجر في كتاب (التقريب) حينما
(١) ولا شك أن كلمة: (لا يتابع عليه) أقرب إلى التعليل من كلمة: تفرد به.