قوة حفظ الثوري لكانت روايتهم راجحة، وعليه فالأولى حمل الحديث على الوجهين، فكيف إذا توبع عمرو بن يحيى، فقد رواه ابن خزيمة (٧٩٢)، والحاكم (١/ ٢٥١)، والبيهقي (٢/ ٤٣٥) بإسناد صحيح عن عمارة بن غزية، وهو ثقة عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيد مرفوعًا به، فالذي يترجح هي الرواية الموصولة، خلافًا لمن رجح المرسل كالترمذي، والدارقطني في علله (٢٣١٠)، وقد ذكرا الاختلاف في طرقه، ولم يذكرا متابعة عمارة بن غزية لعمرو بن يحيى، وأظنهما لو وقفا عليها لرجحا الموصول، ولذا قال الحاكم بعد إخراجها: هذه الأسانيد كلها صحيحة على شرط البخاري ومسلم، ولم يخرجاه، ولم يتعقبه الذهبي.
وقال ابن المنذر: روى هذا الحديث: حماد بن سلمة، والدراوردي، وعباد بن كثير كرواية عبد الواحد متصل عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا روى الحديث ثقة أو ثقات مرفوعًا مُتصلًا، وأرسله بعضهم يثبت الحديث برواية من روى موصولًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يوهن الحديث تخلف من تخلف عن إيصاله، وهذا السبيل في الزيادات (في الأسانيد والزيادات في الأخبار، وكثير من الشهادات).
وقال ابن حزم في المحلى (٤/ ٢٨): قال بعض من لا يتقي عاقبة كلامه في الدين: هذا حديث أرسله سفيان الثوري، وشك في إسناده موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة ثم قال ابن حزم: فكان ماذا؟!، لا سيما وهم يقولون: إن المسند كالمرسل ولا فرق، ثم أي منفعة لهم في شك موسى، ولم يشك حجاج؟!، وإن لم يكن فوق موسى فليس دونه!، أو في إرسال سفيان، وقد أسنده حماد وعبد الواحد وأبو طوالة وابن إسحاق، وكلهم عدل!.
وقال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٦٧٧): رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبزار وغيرهم بأسانيد جيدة، ومن تكلم فيه فما استوفى طرقه، وقد سبق تصحيح ابن خزيمة، وابن حبان له، وكذا صححه ابن