إذَا تبَيَّنَ هَذَا فَنَقُولُ لِلسَّائِلِ: إنَّ الشَّيْخَ الْمَذْكُورَ قَصَدَ أَنْ يُتَوِّبَ الْمُجْتَمِعِينَ عَلَى الْكَبَائِرِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ مِن الطَّرِيقِ الْبِدْعِيِّ: يَدُلُّ أَنَّ الشَّيْخَ جَاهِلٌ بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي بِهَا "تَتُوبُ الْعُصَاةُ، أَو عَاجِزٌ عَنْهَا؛ فَإِنَّ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - وَالصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يَدْعُونَ مَن هُوَ شَرٌّ مِن هَؤُلَاءِ مِن أهْلِ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ بِالطُّرُقِ الشَرْعِيَّةِ الَّتِي أَغْنَاهُم اللهُ بِهَا عَن الطُّرُقِ الْبِدْعِيَّةِ.
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ فِي الطُّرُقِ الشَرْعِيَّةِ الَّتِي بَعَثَ اللهُ بِهَا نَبِيَّهُ مَا يَتُوبُ بِهِ الْعُصَاةُ، فَإِنَّهُ قَد عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ وَالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّهُ قَد تَابَ مِن الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ مَن لَا يُحْصِيه إلَّا اللهُ تَعَالَى مِن الْأُمَمِ بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا ذُكِرَ مِن الِاجْتِمَاعِ الْبِدْعِيِّ.
فَلَا يَعْدِلُ أَحَدٌ عَن الطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ إلَى الْبِدْعِيَّةِ إلَّا لِجَهْلٍ أَو عَجْزٍ أَو غَرَضٍ فَاسِدٍ.
فَمِن الْمَعْلُومِ أَنَّ سَمَاعَ الْقُرْآنِ هُوَ سَمَاعُ النَّبِيِّينَ وَالْعَارِفِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ} [الزمر: ٢٣].
وَبِهَذَا السَّمَاعِ هَدَى اللهُ الْعِبَادَ وَأَصْلَحَ لَهُم أَمْرَ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَبِهِ بُعِثَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهِ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ، وَعَلَيْهِ كَانَ يَجْتَمِعُ السَّلَفُ.
وَقَد مَدَحَ اللهُ أَهْلَ هَذَا السَّمَاعِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ، وَذَمَّ الْمُعْرِضينَ عَنْة، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَبَبُ الرَّحْمَةِ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} [الأعراف: ٢٠٤].
وَقَوْلُ السَّائِلِ وَغَيْرِهِ: هَل هُوَ حَلَالٌ أَو حَرَامٌ؟ لَفْظٌ مُجْمَلٌ، فِيهِ تَلْبِيسٌ يَشْتَبِهُ الْحُكْمُ فِيهِ، حَتَّى لَا يُحْسِنَ كَثِيرٌ مِن الْمُفْتِينَ تَحْرِيرَ الْجَوَابِ فِيهِ؛ وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute