للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صَلَحَ نَوْعٌ مِنْهُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّوْعِ جَمِيعِهِ إذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ فِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ.

وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْوَى مِن الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَالْجَوَازُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْحَاجَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْمُزَابَنَةِ أَعْظَمُ مِن بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، فَإِنَّهُ بَيْعٌ رِبَوِيٌّ بِجِنْسِهِ خَرْصًا، وَالرِّبَا أَعْظَمُ مِن الْغَرَرِ.

فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَد أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا اسْتِثْنَاءً مِن الْمُزَابَنَةِ لِلْحَاجَةِ: فَلَأَنْ يَجُوزَ بَيْعُ النَّوْعِ تبَعًا لِلنَّوْعِ مَعَ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ذَلِكَ أَشَدُّ وَأَوْلَى، وَلَا يَلْزَمُ مِن مَنْعِهِ مُفْرَدًا مَنْعُهُ مَضْمُومًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ، وَبَيْعُ الْحَيَوَانِ الْحَامِلِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِن اشْتُرِطَ كَونهُ حَامِلًا، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ.

وَسرُّ الشَّرِيعَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: أَنَّ الْفِعْلَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى مَفْسَدَةٍ مُنِعَ مِنْهُ إلَّا إذَا عَارَضَهَا مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ كَمَا فِي إبَاحَةِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَبَيْعُ الْغَرَرِ نُهي عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِن نَوْعِ الْمَيْسِرِ الَّذِي يُفْضِي إلَى أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، فَاِذَا عَارَضَ ذَلِكَ ضَرَرٌ أَعْظَمُ مِن ذَلِكَ أَبَاحَهُ؛ دَفْعًا لِأَعْظَمِ الفسادين بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا. [٢٩/ ٤٧٨ - ٤٨٣]

(حكم بَيْعِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبُنْدُقِ وَالْفُسْتُقِ ذَوَاتِ الْقُشُورِ)

٣٦٥٥ - سُئِلَ رَحِمَهُ اللهُ: عَن بَيْعِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبُنْدُقِ وَالْفُسْتُقِ وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ ذَوَاتِ الْقُشُورِ؟

فَأَجَابَ: أَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْمَنْصوصُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُجَوِّزُ هَذِهِ الْبُيُوعَ، لَكِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِن عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَقَد نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "عَن بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَعَن بَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>