للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بِمُجَرَّدِهِ مِن بَابِ السَّبِّ الَّذِي يُقْتَلُ صَاحِبُهُ؛ بَل يُسْتَفْسَرُ عَن قَوْلِهِ: "مَن شَرَّفه". فَإِنْ ثَبَتَ بِتَفْسِيرِهِ أَو بِقَرَائِنَ حَالِيَّةٍ أَو لَفْظِيَّةٍ أَنَّهُ أَرَادَ لَعْنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَجَبَ قَتْلُهُ.

وَإِن لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ أَو ثَبَتَ بِقَرَائِنَ حَالِيَّةٍ أَو لَفْظِيَّةٍ أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلُ أَنْ يُرِيدَ لَعْنَ مَن يُعَظِّمُهُ أو يُبَجِّلُهُ أَو لَعْنَ مَن يَعْتَقِدُهُ شَرِيفًا: لَمْ يَكُن ذَلِكَ مُوجِبًا لِلْقَتْلِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

لَا يُظَنُّ بِاَلَّذِي لَيْسَ بِزِنْدِيق أَنَّهُ يَقْصِدُ لَعْنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

فَمَن عُرفَ مِن حَالِهِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ لَيْسَ بِزِنْدِيق: كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِد النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-.

وَلَا يَجِبُ قَتْلُ مُسْلِمٍ بِسَبِّ أَحَدٍ مِن الْأَشْرَافِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، إنَّمَا يُقْتَلُ مَن سَبَّ الْأَنْبِيَاءَ.

وَلَكِنْ مَن ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اعْتَدَى بِقَوْلِهِ أَو فِعْلِهِ عَلَى شَرِيفٍ أَو غَيْرِهِ عُوقِبَ عَلَى عُدْوَانِهِ: إمَّا بِالْقِصَاصِ بِمَا يَكُونُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ، وَإِمَّا التَّعْزِيزُ بِمَا يَمْنَعُهُ مِن الْعُدْوَانِ، وَإِمَّا بِحَدِّ الْقَذْفِ إنْ كَانَ الْعُدْوَانُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ. [٣٥/ ١٩٧ - ١٩٨]

* * *

(حكم من قال: لَو جَاءَنِي محَمَّد بْن عَبْدِ الله في شفاعة فلان ما قبلت؟)

٥٢٦٦ - وَسُئِلَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: عَن رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَشْتَكِيَ عَلَى رَجُلٍ فَشَفَعَ فِيهِ جَمَاعَةٌ، فَقَالَ: لَو جَاءَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِيهِ مَا قَبِلْت!

فَأَجَابَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: إْذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَو تَابَ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْإِمَامِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقَتْلُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ (١).


(١) ثبت في صحيح البخاري (٥٢٨٣)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَن زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>