للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إذَا عُرِفَ ذَلِكَ: فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى "مَسْأْلَةِ كَلَامِ اللهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِن صِفَاتِهِ" هَل هِيَ قَدِيمَةٌ لَازِمَةٌ لِذَاتِهِ لَا يَتَعَلَّقُ شَيْءٌ مِنْهَا بِفِعْلِهِ وَبِمَشِيئَتِهِ وَلَا قُدْرَتهِ؟ أَو يُقَالُ: إنَّهُ يَتَكَلَّمُ إذَا شَاءَ، وَيَسْكُتُ إذَا شَاءَ، وَأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ صِفَاتٌ فِعْلِيَّةٌ.

وَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِاُّصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مِن أَهْلِ السُّنَّةِ.

قُلْت: وَهَذَا الدُّعَاءُ الَّذِي دَعَا بِهِ الشَّيْخُ أَبُو زَكَرِيَّا مَأْثُورٌ عَن الْإِمَامِ أَحْمَد، وَمِن هُنَاكَ حَفِظَهُ الشَّيْخُ وَاللهُ أَعْلَمُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الْمَحَبَّةِ لِأَحْمَدَ وَآثَارِهِ وَالنَّظَرِ فِي مَنَاقِبِهِ وَأَخْبَارِهِ. [٨/ ٣٨٢ - ٣٨٤]

* * *

(اللهُ تَعَالَي خَلَقَ فِعْلَ الْعَبْدِ سَبَبًا مُقْتَضِيًا لِآثَار مَحْمُودَةٍ أَو مَذْمُومَةٍ)

٦٣٠ - اعْلَمْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جعل (١) فِعْلَ الْعَبْدِ سَبَبًا مُفْضِيًا (٢) إلى آثارِ مَحْمُودَةٍ أَو مَذْمُومَةٍ.

وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ: مِثْلُ صَلَاةِ أَقْبَلَ عَلَيْهَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، وَأَخْلَصَ فِيهَا وَرَاقَبَ، وَفَقِهَ مَا بُنِيَتْ عَلَيْهِ مِن الْكَلِمَاتِ الطَّيِّبَاتِ، وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ، يَعْقُبُهُ فِي عَاجِلِ الْأَمْرِ نُورٌ فِي قَلْبِهِ، وَانْشِرَاحٌ فِي صَدْرِهِ، وَطُمَأْنِينَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَمَزِيدٌ فِي عِلْمِهِ، وَتَثْبِيتٌ فِي يَقِينِهِ، وَقُوَّةٌ فِي عَقْلِهِ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِن قُوَّةِ بَدَنِهِ، وَبَهَاءِ وَجْهِهِ، وَانْتِهَائِهِ عَن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَإِلْقَاءِ الْمَحَبَّةِ لَهُ فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَدَفْعِ الْبَلَاءِ عَنْهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعْلَمُهُ -سبحانه- وَلَا نَعْلَمُهُ.

ثُمَّ هَذِهِ الْآثَارُ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ مِن النُّورِ وَالْعِلْم وَالْيَقِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: أسْبَابٌ مُفْضِيَةٌ إلَى آثَارٍ أُخَرَ مِن جِنْسِهَا وَمِن غَيْرِ جِنْسِهَا أَرْفَعُ مِنْهَا، وَهَلُمَّ جَرَّا.


(١) في الأصل: خَلَقَ، والتصويب من جامع المسائل ٩/ ١٠٦.
(٢) في الأصل: مقتضيًا لآثار، والتصويب من جامع المسائل ٩/ ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>