(المراد بلَفْظِ التَّوَسُّلِ)
٢٠٢ - لَفْظُ التَّوَسُّلِ قَد يُرَادُ بِهِ ثَلَاثَةُ أمُورٍ:
يُرَادُ بِهِ أمْرَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ:
أَحَدُهُمَا هُوَ أَصْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ: وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِالْاِيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ.
وَالثَّانِي: دُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ، وَهَذَا أَيْضًا نَافِعٌ، يَتَوَسَّلُ بِهِ مَن دَعَا لَهُ وَشفَعَ فِيهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَمَن أنْكَرَ التَّوَسُّلَ بِهِ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْمَعْنيَيْنِ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ مُرْتَدًّا.
وَأَمَّا دُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ وَانْتِفَاعُ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ: فَمَن أَنْكَرَهُ فَهُوَ أَيْضًا كَافِرٌ، لَكِنَ هَذَا أَخْفَى مِن الْأَوَّلِ، فَمَن أَنْكَرَهُ عَن جَهْل عُرِّفَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ.
أَمَّا دُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُة فِي الدُّنْيَا: فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِن أَهْلِ الْقِبْلَةِ.
وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: فَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ -وَهُم الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإِحْسَان وَسَائِرِ أئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ- أَنَّ لَهُ شَفَاعَاتٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَاصَّةً وَعَامَّةَ، وَأَنَّهُ يشفعُ فِيمَن يَأْذَنُ اللّهُ لَهُ أَنْ يَشْفعَ فِيهِ مِن أُمَّتِهِ مِن أَهْلِ الْكبَائِرِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِشَفَاعَتِهِ إلَّا أَهْلُ التَّوْحِيدِ الْمُؤْمِنُونَ دُونَ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَو كَانَ الْمُشْرِكُ مُحِبًّا لَهُ مُعَظمًا لَهُ لَمْ تُنْقِذْهُ شفَاعَتُهُ مِن النَّارِ، وَإِنَّمَا يُنْجِيهِ مِن النَّارِ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ بِهِ؛ وَلهَذَا لَمَّا كَانَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ يُحِبُّونَهُ وَلَمْ يُقِرُّوا بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي جَاءَ بِهِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَخْرُجُوا مِن النَّارِ بِشَفَاعَتِهِ وَلَا بِغَيْرِهَا. [١/ ١٥٣ - ١٥٤]
٢٠٣ - لَفْظُ الْوَسِيلَةِ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: ٣٥]؛ فَالْوَسِيلَةُ الَّتِي أَمَرَ اللّهُ أَنْ تُبْتَغَى إلَيْهِ وَأَخْبَرَ عَن مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ أَنَّهُم يَبْتَغُونَهَا إلَيْهِ: هِيَ مَا يُتَقَرَّبُ إلَيْهِ مِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute