للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

١٤١١ - مَا قَالَهُ النَّاسُ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَتَأْوِيلِهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَدّقَ بِقَوْلٍ دُونَ قَوْلٍ بِلَا عِلْمٍ، وَلَا يُكَذِّبَ بِشَيءٍ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُحِيطَ بِعِلْمِهِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ إلَّا إذَا عَرَفَ الْحَقَّ الَّذِي أُرِيدَ بِالْآيَةِ، فَيَعْلَمُ أَنَّ مَا سِوَاهُ بَاطِلٌ؛ فَيُكَذِّبُ بِالْبَاطِلِ الَّذِي أَحَاطَ بِعِلْمِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا وَلَمْ يُحِطْ بِشَيْءٍ مِنْهَا عِلْمًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّكْذِيبُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. [١٧/ ٤٠٤]

* * *

[من الغلط تفسير القرآن بمجرد ما يحتمله اللفظ المجرد عن سائر ما يبين معناه]

١٤١٢ - أَمَّا تَفْسِيرُهُ (١) بِمُجَرَّدِ مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ الْمُجَرَّدُ عَن سَائِرِ مَا يُبَيِّنُ مَعْنَاهُ: فَهَذَا مَنْشَأُ الْغَلَطِ مِن الغالطين، لَا سِيَّمَا كَثِيرٌ مِمَن يَتَكَلَّمُ فِيهِ بِالاِحْتِمَالَاتِ اللُّغَوِيَّةِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ غَلَطًا مِن الْمُفَسِّرِينَ الْمَشْهُورِينَ؛ فَإِنَّهُم لَا يَقْصِدُونَ مَعْرِفَةَ مَعْنَاهُ كَمَا يَقْصِدُ ذَلِكَ الْمُفَسّرُونَ.

وَأَعْظَمُ غَلَطًا مِن هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مَن لَا يَكُونُ قَصْدُهُ مَعْرِفَةَ مُرَادِ اللّهِ؛ بَل قَصْدُهُ تَأْوِيلُ الْآيَةِ بِمَا يَدْفَعُ خَصْمَهُ عَن الاِحْتِجَاجِ بِهَا، وَهَؤُلَاءِ يَقَعُونَ فِي أَنْوَاعٍ مِن التَّحْرِيفِ، وَلهَذَا جَوَّزَ مِن جَوَّزَ مِنْهُم أَنْ يَتَأَوَّلُ الْآيَةُ بِخِلَافِ تَأْوِيلِ السَّلَفِ، وَقَالُوا: إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ جَازَ لِمَن بَعْدِهِمْ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَحْكَامِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ فَإِنَّهُم إذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ إمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا، كَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا لِإِجْمَاعِهِمْ، وَلَكِنَّ هَذِهِ طَرِيقُ مَن يَقْصِدُ الدَّفْعَ لَا يَقْصِدُ مَعْرِفَةَ الْمُرَادِ. [١٥/ ٩٤]

* * *


(١) أي: القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>