للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

يُثَابُونَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَشْرَبُوا صِرْفًا؛ بَل مُزِجَ لَهُم مِن شَرَابِ الْمُقَرَّبِينَ بِحَسَبِ مَا مَزَجُوهُ فِي الدُّنْيَا. [١١/ ١٧٧ - ١٨٠]

* * *

[سورة الأعلى]

١٥٩٥ - قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَوْلهُ: {فَهَدَى (٣)} [الأعلى: ٣] عَامٌّ لِوُجُوهِ الْهِدَايَاتِ فِي الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ. وَقَد خَصَّصَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَشْيَاءَ مِنَ الْهِدَايَاتِ. قَالَ: "وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مثالات، وَالْعُمُومُ فِي الْآيَةِ أَصْوَبُ فِي كُلِّ تَقْدِيرٍ وفي كُلِّ هِدَايَةٍ".

وَقَد ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِي هَذِهِ الْأقْوَالَ وَغَيْرَهَا فَذَكَرَ سَبْعَةَ أَقْوَالٍ. قِيلَ: "قَدَّرَ فَهَدَى وَأَضَلَّ، فَحَذَفَ "وأَضَلَّ" لِأنَّ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَكَاهُ الزَّجَّاجُ".

قُلْت: الْقَوْلُ الَّذِي حَكاهُ الزَّجَّاجُ هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ، وَهُوَ مِن جِنْسِ قَوْلِهِ: "إنْ نَفَعَتْ وَإِن لَمْ تَنْفَعْ"، وَمِن جِنْسِ قَوْلِهِ: "سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ". وَقَد تَقَدَّمَ ضَعْفُ مِثْل هَذَا، وَلهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِن الْمُفَسِّرِينَ.

وَالْأقْوَالُ الصَّحِيحَةُ هِيَ مِن بَابِ المثالات، كَمَا قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ.

وَهَكَذَا كَثِيرٌ مِن تَفْسِيرِ السَّلَفِ يَذْكُرُونَ مِن النَّوْعِ مِثَالًا لِيُنَبِّهُوا بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، أَو لِحَاجَةِ الْمُسْتَمِعِ إلَى مَعْرِفَتِهِ، أَو لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ.

وَمِن ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إنَّ "هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ" فَبِهَذَا يُمَثّلُ بِمَن نَزَلَتْ فِيهِ -نَزَلَتْ فِيهِ أَوَّلًا وَكَانَ سَبَبَ نُزولهَا- لَا يُرِيدُونَ بِهِ أَنَّهَا أردةٌ مُخْتَصَّة بِهِ؛ كَآيةِ اللِّعَانِ وَآيَةِ الْقَذْفِ وَآيَةِ الْمُحَارَبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَا يَقُولُ مُسْلِمٌ إنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِمَن كَانَ نُزُولُهَا بِسَبَبِهِ.

وَاللَّفْظُ الْعَامُّ وَإِن قَالَ طَائِفَةٌ: إنَّهُ يُقْصَرُ عَلَى سَبَبِهِ فَمُرَادُهُم عَلَى النَّوْعِ الَّذِي هُوَ سَبَبُهُ، لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ مِن ذَلِكَ النَّوْعِ. [١٦/ ١٤٦ - ١٤٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>