للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَإِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِمَّا تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ -مِن هَذِهِ الْمَسَائِلِ الدَّقِيقَةِ- قَد يَكُونُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِن النَّاسِ مُشْتَبِهًا، لَا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى دَلِيلٍ يُفِيدُهُ الْيَقِينُ، لَا شَرْعِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَى مِثْل هَذَا فِي ذَلِكَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.

وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِن اعْتِقَادٍ قَوِيِّ غَالِبٍ عَلَى ظَنِّهِ لِعَجْزِهِ عَن تَمَامِ الْيَقِينِ؛ بَل ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُطَابِقًا لِلْحَقِّ.

فَالِاعْتِقَاذ الْمُطَابِقُ لِلْحَقِّ يَنْفَعُ صَاحِبَة وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ.

لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْرفَ أَنَّ عَامَّةَ مَن ضَلَّ فِي هَذَا الْبَابِ او عَجَزَ فِيهِ عَن مَعْرِفَةِ الْحَقِّ: فَإِنَّمَا هُوَ لِتَفْرِيطِهِ فِي اتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَتَركِ النَّظَر وَالِاسْتِدْلَال الْمُوَصِّل إلَى مَعْرِفَتِهِ، فَلَمَّا أَعْرَضُوا عَن كِتَابِ اللهِ ضَلُّوا. [٣/ ٣١٢ - ٣١٤]

* * *

({ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ})

٣٢٥ - طَالَبَ سُبْحَانَهُ مَن اتَّخَذَ دِينًا بِقَوْلِهِ: {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: ٤].

فَالْكِتَابُ: [هو] (١) الْكِتَابُ.

وَالْأثَارَةُ كَمَا قَالَ مَن قَالَ مِن السَّلَفِ: هِيَ الرِّوَايَةُ وَالْإسْنَادُ، وَقَالُوا: هِيَ الْخَطُّ أيْضًا؛ إذ الرِّوَايَةُ وَالْإِسْنَادُ يُكْتَبُ بِالْخَطِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَثَارَةَ مِن الْأثَرِ.

فَالْعِلْمُ الَّذِي يَقُولُهُ مَن يُقْبَلُ قَوْلُهُ: يُؤْثَرُ بِالْإِسْنَادِ، وَيُقَيَّدُ بِالْخَطِّ، فَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ مِن آثَارِهِ. [٣/ ٣١٦]

* * *


(١) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، والمثبت من كتاب: درء تعارض العقل والنقل (١/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>