للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ {إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: ٣٨]. [١٤/ ٣٩٦ - ٣٩٨]

* * *

[سورة عبس]

١٥٨٩ - عَن إبْرَاهِيمَ التيمي، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ سُئِلَ عَن قَوْلِهِ: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١)} [عبس: ٣١] فَقَالَ: أيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، وَأيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي، إنْ أَنَا قُلْت فِي كِتَابِ اللهِ مَا لَا أَعْلَمُ؟ -مُنْقَطِعٌ- (١).

وعَن أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي ظَهْرِ قَمِيصِهِ أرْبَعُ رِقَاعٍ فَقَرَأَ: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١)} فَقَالَ: مَا الْأبُّ؟ ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ، فَمَا عَلَيْك أنْ لَا تَدْرِيهِ.

وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمَا -رضي الله عنهما- إنَّمَا أرَادَا اسْتِكْشَافَ عِلْمِ كَيْفِيَّةِ الْأبِّ، وَإِلَّا فَكَوْنهُ نَبْتًا مِن الْأرْضِ ظَاهِرٌ لَا يُجْهَلُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠)} [عبس: ٢٧ - ٣٠].

فَأمَّا مَن تَكَلَّمَ بمَا يَعْلَمُ مِن ذَلِكَ لُغَةً وَشَرْعًا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ؛ وَلهَذَا رُوِيَ عَن هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَقوَالٌ فِي التَّفْسِيرِ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأنَّهُم تَكَلَّمُوا فِيمَا عَلِمُوهُ وَسَكَتُوا عَمَّا جَهِلُوه وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدِ فَإنَّهُ كَمَا يَجِبُ السُّكُوتُ عَمَّا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ؛ فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقَوْلُ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ مِمَّا يَعْلَمُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: ١٨٧]. [١٣/ ٣٢٩ - ٣٧٥]

١٥٩٠ - قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥)} [عبس: ٣٤، ٣٥] إنَّ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ فِي كُلِّ مَقَامِ بِمَا يُنَاسِبُهُ، فَتَارَة يَقْتَضِي الِابْتِدَاءَ بِالْأَعْلَى، وَتَارَةً بِالْأدْنَى، وَهُنَا الْمُنَاسَبَةُ تَقْتَضِي الِابْتِدَاءَ بِالْأدْنَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ فِرَارِهِ


(١) إبْرَاهِيم التيمي لم يسمع من أبي بَكْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>