للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومنهيها بغير هدى من الله وهذا يشير إلى أن النفس الأمارة داخلة تحت عموم الأنداد حتى لو فصل لكان المعنى فلا تجعلوا لله أندادا لا صنما ولا شيطانا ولا النفس ولا كذا وهذا مشكل الظاهر جدا إذ كان مساق الآية ومحصول القرائن فيها يدل على أن الأنداد الأصنام أو غيرها مما كانو يعبدون ولم يكونوا يعبدون أنفسهم ولا يتخذونها أربابا ولكن له وجه جار على الصحة وذلك أنه لم يقل إن هذا هو تفسير الآية ولكن أتى بما هو ند في الاعتبار الشرعي الذي شهد له القرآن من جهتين:

إحداهما أن الناظر قد يأخذ من معنى الآية معنى من باب الاعتبار فيجريه فيما لم تنزل فيه لأنه يجامعه في القصد أو يقاربه لأن حقيقة الند أنه المضاد لنده الجاري على مناقضته والنفس الأمارة هذا شأنها لأنها تأمر صاحبها بمراعاة حظوظها لاهية أو صادّة عن مراعاة حقوق خالقها وهذا هو الذي يعني به الند في نده لأن الأصنام نصبوها لهذا المعنى بعينه وشاهد صحة هذا الاعتبار قوله تعالى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله وهم لم يعبدوهم من دون الله ولكنهم ائتمروا بأوامرهم وانتهوا عما نهوهم عنه كيف كان فما حرموا عليهم حرموه وما أباحوا لهم حللوه فقال الله تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التّوبَة: ٣١] وهذا شأن المتبع لهوى نفسه.

والثانية: أن الآية وإن نزلت في أهل الأصنام فإن لأهل الإسلام فيها نظرا بالنسبة إليهم ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال لبعض من توسع في الدنيا من أهل الإيمان أين تذهب بكم هذه الآية {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: ٢٠] وكان هو يعتبر نفسه بها وإنما أنزلت في الكفار لقوله {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ} الآية ولهذا المعنى تقرير في العموم والخصوص فإذا كان كذلك صح التنزيل بالنسبة إلى النفس الأمارة في قوله فلا تجعلوا لله أندادا والله أعلم.

ومن المنقول عن سهل أيضا في قوله تعالى {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البَقَرَة: ٣٥] قال لم يرد الله معنى الأكل في الحقيقة وإنما أراد معنى مساكنة الهمة لشيء هو غيره أي لا تهتم بشيء هو غيري قال فآدم لم يعصم من الهمة والتدبير فلحقه ما لحقه قال وكذلك كل من ادعى ما ليس له وساكن قلبه ناظرا إلى هوى نفسه لحقه الترك من الله مع ما جبلت عليه نفسه عليه، إلا أن يرحمه الله فيعصمه من تدبيره وينصره على عدوه وعليها

<<  <  ج: ص:  >  >>