إن أُصول الفقه قطعية الثبوت بناء على هذا الاستقراء المذكور. وأما كون ما ثبت بهذا الدليل قطعيا فـ "بيانه" من أوجه أحدها "استقراؤنا" يعني الاستقراء الكلي "في الشرع""لـ" أدلة "حكمه" أي أحكامه وهذا الاستقراء حكمه "كذاك وهو قطعي" لأنَّهُ استقراء تام.
"أو" بيانه "من" جهة "دليلٌ" حكم "العقل" وهو أما الوجوب أو الجواز أو الاستحالة كما سيذكره في المقدمة الثانية. و "ذي" الجهة خذها على أنها مفيدة "للقطع" فهي قاضية به. "أو" من "جهة المجموع" من هاتين الجهتين معا وهما جهة الحكم العقلي وجهة الاستقراء "وهو" أي ما تقتضيه هذه الجهة "قطعي" من باب أولى، لأنَّهُ مركب من مقتضى الجهتين الأوليين هذا هو احد هذه الأوجه. "و" يزاد "مع ذا" الوجه المذكور وجه آخر وهو أنه "لو لم تكن" هذه الأصول "قطعية" الثبوت "لاتصفت بأنها" أدلة "ظنية" ضرورة انحصار حالها في أنها لا تكون إلا قطعية أو ظنية "ولو أجيز الظن في كلية" يعني ولو أجيز أن تكون كلية من هذه الكليات ظنية "لجاز" الظن "في الكلية الأصلية" وهي أصل الشريعة وعلى قطع نعلم أن أصل الشريعة الذي تفرعت عنه هذه الكليات أصل ثابت وهو الأصل الكلي الأول لأنَّهُ عنه تفرعت هذه الكليات الثلاثة الضروريات والحاجيات والتحسينات، ومعنى أنه تفرعت عنه أنه أخذت منه وبنيت على ما تضمنه من أدلة وأحكام، ألا ترى أنه هو المستقرئ لمعرفة هذه الكليات وإدراكها، وإذا تقرر ذلك علم أن هذا الأصل الكلي ثابت لأنَّهُ شرع الله الذي لا تبديل له ولا تغيير.
"و" أن "ذاك" وهو تطرق الظن إلى هذا الأصل "عادة محال أصله" وهو احتمال هذا التطرق "فكل ما" أمر "أدى إليه" أي إلى هذا الاحتمال فإنه "مثله" في كونه أمرا