للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٩٤ - وَطَلَبُ الْحُصُولِ وَالتَّحْصِيلِ … بَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَدَى التَّفْصِيلِ

ثم إن هذا يعتضد بوجهين آخرين:

أحدهما: أن مثل هذا يلزم في السيد إذا أمر عبده بحضرة ملك قد توعد السيد على ضرب عبده زاعما أنه لا يطيعه وطلب تمهيد عذره بمشاهدة الملك فإنه يأمر العبد وهو غير قاصد لإيقاع المأمور به لأن القصد هنا يستلزم قصده لإهلاك نفسه وذلك لا يصدر من العقلاء فلم يصح أن يكون قاصدا وهو آمر وإذا لم يصح لم يلزم أن يكون كل آمر قاصدا للمأمور به وكذلك النهي حرفا بحرف وهو المطلوب.

ثانيهما: أن هذا لازم في أمر التعجيز نحو {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: ١٥] وفي أمر التهديد نحو {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] وما أشبه ذلك إذ معلوم أن المعجز والمهدد غير قاصد لإيقاع المأمور به في تلك الصيغة (١).

فالجواب عن ذلك كله هو أن استدعاء "وطلب الحصول" والوقوع للشيء "و" طلب "التحصيل" له "بينهما فرق" بين "لدى" أي عند جريان "التفصيل" في شأنهما، وبذلك يقع الانفصال عن هذا الإشكال.

وبيان ذلك: أن القصد إلى إيقاع ما لا يطاق لا بد منه ولا يلزم من القصد إلى ذلك حصوله إذ القصد إلى الأمر بالشيء لا يستلزم إرادة الشيء إلا على قول من يقول إن الأمر إرادة الفعل وهو رأي المعتزلة وأما الأشاعرة فالأمر عندهم غير مستلزم للإرادة وإلا وقعت المأمورات كلها وأيضا: لو فرض في تكليف ما لا يطاق عدم القصد إلى إيقاعه لم يكن تكليف ما لا يطاق لأن حقيقته إلزام فعل ما لا يقدر على فعله وإلزام الفعل هو القصد إلى أن يفعل أو لازم القصد إلى أن يفعل فإذا علم ذلك فلا تكليف به فهو طلب للتحصيل لا طلب للحصول وبينهما فرق واضح. وهكذا القول في جميع الأسئلة فإن السيد إذا أمر عبده فقد طلب منه أن يحصل ما أمر به ولم يطلب حصول ما أمره به وفرق بين طلب التحصيل وطلب الحصول (٢). وأما أمر التعجيز والتهديد وما جرى مجراهما كالأمر المراد به التهكم فإن ذلك كله ليس مما يعد من الأمر الحقيقي الذي كلامنا فيه وهو الأمر الموضوع للطلب.

وفي هذا غنية عن مزيد كلام في هذا الموضوع.


(١) الموافقات ٣/ ١٠٣.
(٢) الموافقات ٣/ ١٠٣/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>