" ضربان" احدهما: "ما استمر" جريانه وعمّ "في الأنام" جميعهم فهو لا يختلف باختلاف الأزمنة والأعصار، فهو لا ينفك الناس عنه على مدى الزمان "والدهر" كما أنه لا يختلف باختلاف البلدان "والأمصار" - جمع مِصر - الكورة - وذلك "كالقيام"، والأكل والشرب، والفرح والحزن، والنوم واليقظة، والميل إلى الملائم، والنفور عن المنافر، وتناول الطيبات والمستلذات واجتناب المؤلمات والخبائث وما أشبه ذلك.
وما كان على هذه الصورة "فذاك محكوم بما" استقر "في" الزمان "الحال منه" من وصف "على" الزمان "الماضي""و" على الزمان المتصف بـ "الاستقبال" أي الزمان الآتي وذلك للقطع بأن مجاري سنة الله - تعالى - في خلقه على هذا السبيل وعلى سننه عموما كما تقدم، فيكون ما جرى منها في الزمان الحاضر محكوما به على الزمان الماضي والمستقبل مطلقا، فكانت العادة وجودية أو شرعية.
"ثانيهما" أي الضربين هو "ما" أي الذي "باختلاف" وتغاير "يأتي" وذلك الاختلاف يحصل "بحسب الجهات" والبلدان "والأوقات" والأزمنة وبحسب الأحوال، وذلك "كهيئة الملبوس" فإن اللباس يختلف باختلاف البلدان والجهات والأوقات "و" كذلك "المسكون" من الديار والخيام وغيرها.
وكذلك ما يختلف باختلاف الطبائع التي عليها الناس كالبطء والسرعة في الأمور"وما" أشبه ذلك "كمثل شدّة" وحِدّة في الطباع "أو لِين" ويُسر فيها.
وهذا الضرب حكمه ليس كحكم الضرب الأول "فذاك" أي هذا الضرب "لا يقضى" أي لا يحكم "به" يعني بجريان ما هو عليه من حال "لمن مضى" من الخلق على وجه اللزوم والثبوت فلا يحكم بثبوت ذلك لأي شخص معين "إلا إذا" أفاد "الدليل" الخارجي "ذلك" و"اقتضا" ثبوته له. وكما لا يقضى به لمن مضى إذا قام الدليل على