للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الغزالي وابن العربي في هذه المسألة -: وكأن مجال النظر في المسألة يلتفت إلى انفكاك القصدين أو عدم انفكاكهما فابن العربي يلتفت إلى وجه الانفكاك فيصحح العبادات وظاهر الغزالي الالتفات إلى مجرد الاجتماع وجودا كان القصدان مما يصح انفكاكهما أولا وذلك بناء على مسألة الصلاة في الدار المغصوبة والخلاف فيها واقع ورأي أصبغ فيها البطلان فإذا كان كذلك اتجه النظران وظهر مغزى المذهبين.

على أن القول بصحة الانفكاك فيما يصح فيه الانفكاك أوجه لما جاء من الأدلة على ذلك، ففي القرآن الكريم {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] يعني في مواسم الحج وقال ابن العربي في الفرار من الأنكاد بالحج أو الهجرة إنه دأب المرسلين فقد قال الخليل عليه السلام {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} وقال الكليم {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت قرة عينه في الصلاة فكان يستريح إليها من تعب الدنيا وكان فيها نعيمه ولذته أفيقال إن دخوله فيها على هذا الوجه قادح فيها كلا بل هو كمال فيها وباعث على الإخلاص فيها وفي الصحيح "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ذكر ابن بشكوال عن أبي علي الحداد قال حضرت القاضي أبا بكر بن زرب شكا إلى الترجيلي المتطبب ضعف معدته وضعف هضمه على ما لم يكن يعهد من نفسه وسأله عن الدواء فقال اسرد الصوم تصلح معدتك فقال له يا أبا عبد الله على غير هذا دلني ما كنت لأعذب نفسي بالصوم إلا لوجهه خالصا ولي عادة في الصوم الإثنين والخميس لا أنقل نفسي عنها قال أبو علي وذكرت في ذلك المجلس حديث الرسول عليه الصلاة والسلام يعني هذا الحديث وجبنت عن إيراد ذلك عليه في ذلك المجلس وأحسبني ذاكرته في ذلك في غير هذا المجلس فسلم للحديث.

وقد بعث عليه الصلاة والسلام رجلا ليكون رصدا في شعب فقام يصلي ولم يكن قصده بالإقامة في الشعب إلا الحراسة والرصد والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ويكفي من ذلك ما يراعيه الإمام في صلاته من أمر الجماعة كانتظار الداخل ليدرك الركوع معه على ما جاء في الحديث وما لم يعمل به مالك فقد عمل به غيره وكالتخفيف لأجل الشيخ والضعيف وذي الحاجة وقوله عليه الصلاة والسلام إني لأسمع بكاء الصبي الحديث وكرد السلام في الصلاة وحكاية المؤذن وما أشبه ذلك مما هو عمل خارج عن

<<  <  ج: ص:  >  >>