للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨١٣ - وَقَوْلُ لَا أَدْرِي إِذَا لَمْ يَدْرِ … وَهْوَ مِلَاكُ الْعِلْمِ فِي التَّحَرِّي

٢٨١٤ - وَخَوْفُهُ للهِ مِنْ أَنْ يَسْأَلَهْ … عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَهُ أَوْ حَلَّلَهْ

يفتون فيها. وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم الفتيا فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم. قال: ولم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا الذين يقتضى بهم ومعول الإسلام عليهم أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقول أنا أكره كذا وأرى كذا. وأما (حلال وحرام) فهذا الافتراء على الله أما سمعت قول الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ} [يونس: ٥٩] الآية لأن الحلال ما حلله الله ورسوله، والحرام ما حرماه (١).

"و" من ذلك - أيضا - أن يتمسك بكلمة و"قول لا أدري إذا" كان "لم يدر" حكم ما سئل عنه "و" ذلك أن قول: لا أدري في هذا المقام "هو ملاك" - بكسر الميم - أي قوام وصلاح "العلم في" شأن "التحري" والقصد إلى الحق.

"و" كذلك "خوفه لله" تعالى "من أن يسأله عن كل ما حرمه" بفتواه "أو حلله" به، قال موسى بن داود: ما رأيت أحدا من العلماء أكثر أن يقول: (لا أحسن) من مالك، وربما سمعته يقول: ليس نبتلى بهذا الأمر، ليس هذا ببلدنا. وكان يقول للرجل يسأله، اذهب حتى أنظر في أمرك. قال الراوي فقلت إن الفقه من باله وما رفعه الله إلا بالتقوى. وسأل رجل مالكا عن مسألة - وذكر أنه أرسل فيها من مسيرة ستة أشهر من المغرب - فقال له: أخبر الذي أرسلك أنه لا علم لي بها. قال: ومن يعلمها؟ قال: من علمه الله. وسأله رجل عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب، فقال: ما أدري ما ابتلينا بهذه المسألة ببلدنا، ولا سمعنا أحدا من أشياخنا تكلم فيها ولكن تعود. فلما كان من الغد جاء وقد حمل ثقله على بغله يقوده، فقال: مسألتي، فقال: ما أدري ما هي؟ فقال: الرجل يا أبا عبد الله تركت خلفي من يقول ليس على وجه الأرض أعلم منك، فقال مالك غير مستوحش: إذا رجعت فأخبرهم أني لا أحسن. وسأله آخر فلم يجبه، فقال له يا أبا عبد الله أجبني، فقال ويحك تريد أن تجعلني حجة بينك وبين الله فأحتاج أنا أولا أن أنظر كيف خلاصي ثم أخلصك. وسئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري. وسئل من العراق عن أربعين مسألة فما أجاب منها إلا في خمس. وقال: قال ابن عجلان إذا أخطأ العالم (لا


(١) الموافقات ٤/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>