للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٤٣ - مِنْ غَيْرِ شِدَّةٍ وَلَا انْحِلَالِ … إِذْ مَقْصِدُ الشَّرْعِ فِي الاعْتِدَالِ

٢٧٤٤ - وَكَمْ لِهَذَا مِنْ دَلِيلٍ شَاهِدِ … وَمَرَّ مُقْتَضَاهُ فِي الْمَقَاصِدِ

ويصلح له "من غير شدة" تنفر من التكليف، وتفضي إلى الملل، ثم الترك، "ولا انحلال" من ربقة التكليف، ومن تحمل ما هو معتاد فيه، مما لا يقوم الدين إلا به. وإنما يحسن مسلك الاعتدال والأخذ بالأوسط في هذا الشأن "إذ مقصد" صاحب "الشرع" وسره "في" أحكامه إنما هو تحصيل "الاعتدال" في النفوس، ومجاري حياة الناس الظاهرة وحمل الناس على التوسط فيما يأتون وما يدرون أمور التكليف، لا فهم بذلك يمضون على استقامة في ظواهرهم، وبواطنهم.

"وكم لـ" ثبوت "هذا" القصد الشرعي وتحققه في الأمور الشرعية "من دليل" شرعي "شاهد" عليه، "و" قد "مر" إيراده وبيان "مقتضاه في "كتاب "المقاصد" من هذا الكتاب، ومن خرج عن ذلك في شأن المستفتين فإنه قد خرج عن قصد الشارع. ولذلك كان ما خرج عن المذهب الوسط مذموما عند العلماء الراسخين. (وأيضا فإن هذا المذهب كان المفهوم من شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الأكرمين.

وقد رد - صلى الله عليه وسلم - التبتل، وقال لمعاذ لما أطال بالناس في الصلاة: (أفتان أنت يا معاذ؟) وقال: (إن منكم منفرين) وقال: (سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغوا) وقال: (عليكم من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا) وقال: (أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل) ورد عليهم الوصال وكثير من هذا.

وأيضا فإن الخروج إلى الأطراف خارج عن العدل، ولا تقوم به مصلحة الخلق: أما في طرف التشديد فإنه مهلكة، وأما في طرف الانحلال فكذلك أيضا، لأن المستفتي إذا ذهب به مذهب العنت والحرج بغض إليه الدين، وأدى إلى الانقطاع عن سلوك طريق الآخرة.

وهو مشاهد وأما إذا ذهب به مذهب الانحلال كان مظنة للمشي مع الهوى والشهوة، والشرع إنما جاء بالنهي عن الهوى واتباع الهوى مهلك، والأدلة كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>