" و" من كان هكذا فإن "خلقه" للحق وللدليل الشرعي "إن كان" قد حصل "في" أمر "جزئي" أي فرع فقهي كإسقاط شرط في أمر عبادي خاص كالاعتكاف مثلا "فهو أخف" حالا وأقل خطرا "منه" أي من خلفه إن كان قد حصل "في" الأمر "الكلي" القطعي. وفي الأصل العام "مما يرى" يوجد "في الشرع ذا استقلال" في حكم كونه أصلا ثابتا بذاته، سواء كان "في" أصول "الاعتقادات" التي بها قوام الإسلام والإيمان "أو" من أصول "الأعمال" التي لا تصح الأعمال إلا إذا قامت عليها، وذلك كالإخلاص والتشريع، والنية، وما أشبه ذلك. ومن كان على هذا الغلط "فهو" يكون ماضيا في مسلكه على خلاف ما عليه الاجتهاد والنظر الفقهي الصحيح، فتراه "يأخذ بعض" فروع كلي ما "وجزئياته" وهو "يقصد" بذلك "أن يهدم كلياته" يعني كليته المقطوع شرعا بثبوتها وبذلك يصير إلى ما ظهر له ببادئ رأيه في شأن تلك الجزئيات وكلياتها من غير أن يكون محيطا بمعانيها، أو راجعا رجوع افتقار وحاجة إليها، أو مسلما ما روي عن أهل العلم في فهمها، أو راجعا إلى الله ورسوله في أمرها، كما قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[النساء: ٥٩].
"وذلك" الانحراف عن الجادة والسبيل القويم في هذا الشأن كله "راجع إلى" اتباع "الأهواء" الكامنة في النفوس، و"المبديات" أي المظهرات للعيان إلزام وإيجاب "ترك الاهتداء" بالدليل الواضح، والاعتراف بالعجز فيما لم يتصل إليه علم الناظر، يعبر على هذا الجهل بمقاصد الشريعة، وتوهم بلوغ درجة الاجتهاد باستعجال نتيجة الطلب. فإن العاقل قلما يخاطر بنفسه في إقتحام المهالك مع العلم بأنه مخاطر. "وأصل هذا القسم" الذي كلامنا فيه "بالتفصيل" والبيان التام "مستوضح" يعني متضحا شأنه "من ءاية التأويل" وهي قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ