للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٥٧١ - وَالرَّعْيُ لِلْخِلَافِ مُقْتَضَاهُ … إِعْمَالُ مَرْجُوحٍ بِمَا قَوَّاهُ

٢٥٧٢ - فِي الْجَانِبِ الآخَرِ لِلتَّلَافِي … بَعْدَ الْوُقُوعِ فَانْتَفَى التَّنَافِي

هل يجب الأخذ بأخف القولين؟ أم بأثقلهما؟ واستدل لمن قال بالأخف بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البَقَرَة: ١٧٥] الآية؛ وقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحَجّ: ٧٨] وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار" وقوله: "بعثت بالحنيفية السمحة". وكل ذلك ينافي شرع الشاق الثقيل. ومن جهة القياس أن الله غني كريم، والعبد محتاج فقير، وإذا وقع التعارض بين الجانبين كان الحمل على جانب الغني أولى.

والجواب عن هذا ما تقدم، وهو أيضا مؤد إلى إيجاب إسقاط التكليف جملة، فإن التكاليف كلها شاقة ثقيلة، ولذلك سميت تكليفا، من الكلفة وهي المشقة. فإذا كانت المشقة حيث لحقت في التكليف تقتضي الرفع بهذه الدلائل لزم ذلك في الطهارات والصلوات والزكوات والحج والجهاد وغير ذلك، ولا يقف عند حد إلا إذا لم يبق على العبد تكليف، وهذا محال. فما أدى إليه مثله؛ فإن رفع الشريعة مع فرض وضعها محال، ثم قال المنتصر لهذا الرأي إنه يرجع حاصله إلى أن الأصل في الملاذ الإذن، وفي المضار الحرمة. وهو أصل قرره في موضع آخر. وقد تقدم التنبيه على ما فيه في كتاب المقاصد وإذا حكمنا ذلك الأصل هنا لزم منه أن الأصل رفع التكليف بعد وضعه على المكلف، وهذا كله إنما جره عدم الالتفات إلى ما تقدم (١).

"فصل"

"و" أما "الرعي للخلاف" الذي يعد من أصول المالكية فإنه ليس معناه المراد به هو الانتقاء في الأقوال الواردة في مواطن الاختلاف، وإنما معناه و"مقتضاه" هو "إعمال" ما هو "مرجوح" من الأدلة إذا كان معتضدا "بما قواه" وجعله راجحا "في الجانب الآخر" وذلك "للتلافي" والتدارك المطلوب شرعا في ذلك الموطن، والمراد بالجانب الآخر ما "بعد الوقوع" للفعل، "فانتفى" بذلك "التنافي" والتعارض الحاصل هنا بين وجوب العمل بالدليل الراجح، وإهمال المرجوح، وبين هذه القاعدة - مراعاة الخلاف - كما نقل ذلك عن جماعة من الشيوخ.


(١) الموافقات ٤/ ص ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>