للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المدلسين. وأَكَّدَ ابن حجر وَصْفَهُ بالتدليس في "التقريب"، فقال: صدوق إلا أنه يدلّس.

• النظر في هذه الأقوال مع الجمع أو الترجيح:

١) بالنظر في أقوال الموثقين: نجدهم جماعة، فيهم مَنْ وُصف بالتشدد كابن معين، والنسائي، وغيرهما، وفيهم عطاء بن أبي رباح أحد شيوخه، وأحد الرواة عنه، فهو أدرى بحاله من غيره.

٢) وبالنظر في أقوال المُجَرّحين، نجد الآتي:

أ أمَّا قوْل شُعبة: فأمرٌ لا يقدح في ضبط الراوي، بل ويدلّ على تشدد شُعبة، وقد أخرج الجماعة لأبي الزُّبير، لذا تَعَقَّبه غير واحدٍ من أهل العلم: فقال النسائي: كان شُعبة يُسيء الرأي فيه، وأبو الزُّبير من الحُفَّاظ. (١) وقال ابن حبان: ولمْ يُنْصف مَن قَدَحَ فيه لأنّ من استرجح في الوزن لنفسه لم يَسْتحق الترك. (٢) وقال ابن رجب الحنبلي: ولم يذكر شُعبة عليه كَذِبًا، ولا سوء حفظٍ. (٣) وقال الذهبي: لعلّه - أي شُعْبَة - ما أَبْصر. (٤) وأجاب ابن القطَّان على كلام شُعبة، وفَنَّدَ جميع الأمور التي ذكرها أمرًا، أمرًا. (٥)

ب وأما المضَعّفين غير شُعبة، فالجواب عنهم بأمور؛ منها:

- أنَّ فيهم مَن هو موصوفٌ بالتشدد كأبي حاتم، وأبي زُرعة، فلا يُقبل منه الجرح، وقد وَثَّقه غيره من المُعْتَبَرين، والمُعْتَدِلين، خاصةً والجرح منه غير مُفَسَّر، يقابله توثيق جماعة، والبعض تعديلهم يدلّ على سبر لمرويَّاته، فيُقدّم التعديل عليه.

- والأوْلى مِنْ ردّ قول المُضَعّفين - وفيهم من هم! - الجمع بين الأقوال، فيُحمل قول المُضعّفين على التدليس: قال الذهبي: وقد عِيب أبو الزُّبير بأمور لا توجب ضعفه المطلق، منها: التدليس. (٦) وقال ابن حجر: وضَعَّفه بعضهم لكثرة تدليسه. وذكره في فصل مَنْ ضُعِّفَ بأمرٍ مردود، وقال: عابوا عليه التدليس. (٧)

وبالتالي يتضح لنا أنَّ منْ ضعّفه، إمَّا أن يكون مردودًا لكوْنه جَرَّحه بما لا يَقْدَح فيه، أو يُحمل تضعيفه على التدليس، وعليه فلا تعارض بين أقوال أهل العلم.

٣) وبالنظر في أقوال المتوسّطين في أمره:

أ أمَّا الذهبي فوثَّقه حِينًا، وحسَّنه حينًا آخر، فيؤخذ من قوليه ما وافق قول الجمهور.

ب وأمّا قول الحافظ ابن حجر في "التقريب": صدوق، فهو نفسه هو الذي قال في "هدي الساري" عنه:


(١) يُنظر: "السنن الكبرى" حديث رقم (٢١١٢).
(٢) يُنظر: "الثقات" (٥/ ٣٥١).
(٣) يُنظر: "شرح علل الترمذي" (١/ ٣٣٦)، ويُنظر تعليق د/ نور الدين عِتر عليْه في الموضع نفسه.
(٤) يُنظر: "المغني في الضعفاء" (٢/ ٢٦٤).
(٥) يُنظر: "الوهم والإيهام" (٤/ ٣٢٢ - ٣٢٣).
(٦) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" (٥/ ٣٨١).
(٧) يُنظر: "هدي الساري" (ص/٤٤٢ و ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>