(٢) قال ابن حبَّان في "المجروحين" (١/ ٢٠٠): لقد دخلت حمص وأكثر همي شأن بقية، فَتَتَبَّعْتُ حديثه، وكَتَبْتُ النُسَخ على الوجه، وتَتَبَّعْتُ ما لم أجد بعلو من رواية القدماء عنه، فرأيته ثقةً مأمونًا، ولكنَّه كان مدلسًا سمع من عُبيد الله بن عُمر، وشُعْبَة، ومالكٍ أحاديث يسيرة مستقيمة، ثم سمع عن أقوام كذابين ضعفاء متروكين عن عبيد الله بن عمر وشعبة ومالك، مثل المجاشع ابن عمرو، والسري بن عبد الحميد، وأشباههم، وأقوام لا يُعْرَفون إلا بالكنى، فروى عن أولئك الثقات الذين رآهم بالتدليس ما سمع من هؤلاء الضعفاء، فَحَمَلوا عن بَقِيَّة عن عُبيد الله، وبَقِيَّة عن مالك، وأُسْقِطَ الواهي بينهما، فالتُزِقَ الموضوع ببقية، وتخلص الواضع من الوسط، وإنما امتُحِنَ بَقِيَّة بتلاميذ له كانوا يُسْقِطُون الضعفاء مِنْ حديثه ويسوونه فالتزق ذلك كله به. (٣) يُنظر: "التاريخ الكبير" ٢/ ١٥٠، "الثقات" للعجلي ١/ ٢٥٠، "الجرح والتعديل" ١/ ١٣٥، ٢/ ٤٣٤، "المجروحين" ١/ ٢٠٠، "الكامل" لابن عدي ٢/ ٢٥٩، "تاريخ بغداد" ٧/ ٦٢٣، "تاريخ دمشق" ١٠/ ٣٢٨، "التهذيب" ٤/ ١٩٢، "الكاشف" ١/ ٢٧٣، "تاريخ الإسلام" ٤/ ١٠٨٢، "السير" ٨/ ٥١٩، "ديوان الضعفاء" ١/ ٥٠، "الميزان" ١/ ٣٣١، "جامع التحصيل" (ص/١٠٥ و ١١٣ و ١٥٠)، "تهذيب التهذيب" ١/ ٤٧٣، "طبقات المدلسين" (ص/٤٩)، "التقريب" (٧٣٤). (٤) يُنظر: "العلل" للدارقطني (مسألة/ ١٣٨٧)، فسُئل عن حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فِي رَجُلٍ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ: دَعْهُ، فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ. قال الدارقطني: يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَرَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ وَهُوَ شَامِيٌّ يَهِمُ كَثِيرًا، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، وَوَهِمَ فِيهِ. وَالصَّحِيحُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. وفي "علل ابن أبي حاتم" (مسألة/٤٨٣)، ذكر حديث سَلَمة بْنِ كُلثوم، عَنِ الأوزاعيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى عَلَى جِنَازة، فكبَّر عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الميِّت، فَحَثَا عَلَيْهِ مِنَ قِبَلِ رأسِه ثَلاثًا. قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ .. وقام المحقق الفاضل د/خالد بن عبد الرحمن الجُريسي - حفظه الله- بنقل أقوال أهل العلم في الحُكم على هذا الحديث في الهامش، ثم قال: والذي يظهر لنا أنَّ أبا حاتم حَكَم على هذا الحديث بالبطلان بسبب تفرد سلمة بن كلثوم به عن الأوزاعي، وهو ممن لا يُحتمل تفرده، لكوْنه مُقِلٌّ غير مشهور، والأوزاعي إمام مُكثر له تلاميذ لازمُوه ولم يرووا عنه هذا الذي رواه سلمة. قلتُ: والتفرد هنا مُقَيَّد بالمخالفة.